جاء خبر إيقاف الصحفي الذي جسد دور طبيب عام داخل ثلاثة مستشفيات بمحافظة جدة لمدة أربعة أيام، واستدعائه للتحقيق، أمرًا متوقعًا، خاصة بعد الشكوى المقدمة من وزارة الصحة؛ والسبب أن الثقافة القانونية لدى المجتمع ليست بتلك الصورة المطلوبة؛ فغالبية شرائح المجتمع يجهلون النظام، وتبعات التصرفات والأفعال والأقوال في الإعلام ومواقع النت وصفحات التواصل الاجتماعي..!!
وزارة الصحة - دونما شك - لديها فريق متكامل للاستشارات القانونية، ومكتب محاماة متعدد التخصصات والأقسام.. وبالتالي فقد ركزت في الشكوى على جانب انتحال صفة الطبيب ضد الصحفي، واتهمته بانتهاك خصوصية المرضى كثغرة قانونية، تستوجب المحاسبة دون الالتفات لحساسية مهنته ودوره، بوصفه صحفيًّا يلعب دورًا في إبراز مكامن الخلل والقصور في تحقيقاته وخبطاته الصحفية لتقديمها مادة دسمة على طاولة المسؤول وصاحب القرار..!!
عدم الإلمام بالثقافة القانونية لا يقتصر على الأشخاص العاديين فحسب، وإنما حتى البعض من المحامين والمستشارين القانونيين الذين يرون عدم توافر القصد الجنائي في قضية الصحفي الطبيب، وإنما جاء من خلال مبرراتهم من باب تبيان القصور وكشف خلل يجب معالجته، وهي من أعمال الصحافة الميدانية، كما هي مبرراتهم.. في حين أن النيابة العامة تنظر للمواد القانونية ونظام الجزاءات المعمول بها لديها، وما يترتب على ذلك من إيقاف وتحقيق واستدعاء وجمع الأدلة وإقامة الدعوى العامة، لا التركيز على النوايا..!!
من خلال قضية الصحفي، واتهام وزارة الصحة له بانتحاله صفة طبيب، وانتهاك خصوصية المستشفيات دون إذن مسبق أو تصريح واضح يحميه، فإن المجتمع في الغالب الأعم بحاجة للتثقيف ونشر الوعي القانوني لديهم من خلال القنوات الإعلامية والصفحات الرسمية للجهات.. فمثلاً ما المانع أن تقوم وزارة الصحة عبر صفحتها في تويتر، أو من خلال لافتات داخل المستشفيات، بتحذير الأشخاص من تبعات انتحال صفة الطبيب أو الموظف العام والتصوير عبر الجوال، وغيرها من الجوانب التي ترى أن فيها انتهاكًا وتجاوزًا لدورها الصحي..؟!!
كما أن الجهات الإعلامية عليها أيضًا أن تمنح الصحفيين التابعين لها حماية قانونية من خلال التوضيح لهم عما هو دورهم، وحــدود تعاملهم؛ حتى لا يعرضوا أنفسهم لإشكالات قانونية ومتاعب حقوقية، يدفعون بسببها ثمنًا باهظًا.. والكلام أيضًا موجَّه للقانونيين والمحققين بتقديم استشارات قانونية مفيدة، وإقامة المحاضرات في هذا الخصوص من باب التثقيف، ونشر الوعي بين أفراد المجتمع؛ وذلك للاستفادة من قضية الصحفي الذي حاول بحُسن نية أن يقدم لمجتمعه ما يمكن الاستفادة منه بتسليط الضوء على بعض جوانب القصور..!!