اعتدنا عند استحداث الهيئات الجديدة أن تستغرق في مرحلة التأسيس سنوات عدة؛ تعمل خلالها على وضع إستراتيجيتها وهيكلها التنظيمي ومراجعة وإقرار أنظمتها ولوائحها التنفيذية والداخلية، ومن ثم تبدأ تدريجياً بتنفيذ مهامها، تتبعها سنوات أخرى حتى نلمس مخرجاتها، إلا أن الهيئة العامة لعقارات الدولة كسرت تلك المعادلة، وبرزت خلال فترة وجيزة بعد عام على تأسيسها، وتحويلها من مصلحة أملاك الدولة إلى هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية ترتبط تنظيمياً بمجلس الوزراء.
هذه الهيئة الوليدة زاحمت بإنجازاتها هيئات لها أقدمية في عمر التأسيس، وبصورة مؤسسية واضحة ومباشرة حيال المحافظة على عقارات الدولة وحمايتها ورفع كفاءتها الإنتاجية، ولتحقق أفضل استخدام للعقارات غير المستغلة، وبذلك تسهم في تنويع مصادر الدخل غير النفطية وتعزّز روافد خزينة الدولة.
أيضاً أقف إعجاباً بقوة حضور الهيئة وفرض شخصيتها في حفظ حقوق الدولة وأجيال المستقبل من الثروة العقارية، ولا أدل على ذلك من الحكم الصادر أخيراً لمصلحة الهيئة بقيمة مليارَي و200 مليون ريال، تم دفعها سابقاً لنزع عقارَيْن في مكة المكرّمة، إضافة إلى استرداد أراضٍ بعد كشفها ملاحظات نظامية، وما تلك إلا بداية غيث ومؤشر يبعث الإيجابية حيال رؤية ثاقبة لولاة الأمر، بأن تكون هناك جهة تتولى الإشراف والتنظيم والرقابة على عقارات الدولة وتحقق بلغة الأرقام رفع كفاءة الإنفاق، وتحويل المخزون الكبير لعقارات الدولة من مخزون راكد خامل إلى عقار منتج يسهم في دعم جهود وخطط التنمية المنبثقة من رؤية 2030.
ومما يُحسب للهيئة انفتاحها على وسائل الإعلام، ورفع مستوى الوعي برسالتها ورؤيتها وإستراتيجيتها، إلى جانب تسليط الضوء على أنشطتها ولقاءاتها المستمرة مع إمارات المناطق ورجال الأعمال بالغرف التجارية، وتوقيع اتفاقيات التعاون مع القطاعات الحكومية؛ ما يعكس حجم الوعي بأهمية الشراكات الإستراتيجية وتفعيل تكامل الأعمال بين قطاعات الدولة لتحقيق الأهداف المشتركة.
ختاماً، عندما يمارس الإعلام حق نقد القصور في أداء بعض الخدمات، فمن واجبنا أيضاً تشجيع الجهات على مواصلة نجاحها وأداء مهامها وأدوارها، وأن نكون لها خير معين.