لا ينعم جميع البشر بأنصبة متساوية في استهلاك الطاقة النظيفة في حياتهم؛ فبحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لا يزال هناك شخص واحد من بين كل 7 أشخاص محروم من الكهرباء، ويُقدّر هؤلاء بـ1.1 مليار نسمة، ويعيش معظمهم في المناطق الريفية في العالم النامي، بينما يعتمد أكثر من 40% من سكان العالم -أي ما يعادل 3 مليارات نسمة- على الوقود الملوث وغير الصحي للطهي.. وفيما تساهم مصادر الطاقة الحالية في إنتاج 60% من الغازات الدفيئة، التي أدت إلى تغير المناخ وتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري؛ فإنه اعتبارًا من عام 2015 جرى توليد أكثر من 20% من الطاقة من خلال مصادر الطاقة المتجددة النظيفة؛ مما يعني أن المشكلة قابلة للحل وليست مستعصية.
وفي مساعيها لإيجاد حلول لمشكلة الطاقة وإنهاء معاناة كثير من سكان العالم في الحصول عليها، وإنقاذ كوكب الأرض من الآثار التدميرية التي مُنِيَ بها جراء استخدام الوقود الأحفوري، الذي يعتمد عليه الاقتصاد العالمي؛ أدرجت الأمم المتحدة الطاقة ضمن الأهداف الـ17 لخطة التنمية المستدامة 2030؛ لضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة بحلول عام 2030، وتحقيق زيادة كبيرة في حصة الطاقة المتجددة في مجموعة مصادر الطاقة العالمية، وتعزيز التعاون الدولي من أجل تيسير الوصول إلى بحوث وتكنولوجيا الطاقة النظيفة؛ بما في ذلك تلك المتعلقة بالطاقة المتجددة.
وإسهامًا في الجهود الدولية التي تقودها الأمم المتحدة لحل مشكلة الطاقة؛ وضعت السعودية القضية ضمن أولويات برنامج رئاستها لقمة مجموعة العشرين 2020، وخصصت لها محورًا مستقلًا، حمل عنوان "نظم طاقة أنظف لعصر جديد"، بين الأطر الست لمحور "المحافظة على كوكب الأرض"، وتطابقت المملكة في رؤيتها للقضية مع نظرة الأمم المتحدة من حيث اعتبار أن الحصـول علـى طاقـة أنظـف وأكثـر اسـتدامة وميسـورة التكلفـة يُعد أمـرًا أساسـيًّا للحـد مـن الفقـر وتعزيـز النمـو الاقتصادي؛ لافتة إلى أن استخدام جميـع مصـادر الطاقـة والتقنيـات المبتكـرة سـيوفر فرصًا للتحول إلى طاقة أنظـف.
وتقوم رؤية المملكة على مقترحين أساسيين تعوّل عليهما في حل مشكلة الطاقة: الأول: الاقتصاد الكربونـي الدائـري، الـذي يشـمل مجموعـة متنوعـة مـن حلـول وتقنيـات الطاقـة المبنيـة علـى البحـث والتطويـر والابتـكار؛ لضمـان الوصـول إلى أنظمـة طاقـة أكثـر نظافـة واسـتدامة وأيسـر تكلفـة.. والثاني: أمـن الطاقـة واسـتقرار أسـواقها مـن أجـل الرخـاء الاقتصادي والمعيشـي، والاقتصاد الكربوني الدائري الذي تدعو المملكة إلى التحول إليه لحل مشكلة الطاقة، هو الاقتصاد الذي يُصدر أقل قدر من انبعاثات الغازات الحابسة للحرارة في المحيط الحيوي للأرض، ويقوم على التحول من النموذج الخطي، الذي تُستخدم فيه المواد، ثم يتخلص منها، إلى نموذج دائري يعتمد على خفض الاستهلاك، وإعادة الاستخدام والتدوير.