مشاريع مليارية ومصانع خضراء.. مكافحة تغيرات المناخ "صورة عالمية من قلب المملكة"

حفظ للغطاء النباتي والتنوع البيولوجي.. والمستهدف "30% محميات و600 مليون شجرة"
ولي العهد يطلق محمية شرعان الطبيعية في محافظة العلا
ولي العهد يطلق محمية شرعان الطبيعية في محافظة العلا
تم النشر في

دأبت السعودية -كما هو ديدنها دائمًا- على أخذ زمام المبادرة في العديد من المجالات التي تهم البشرية، وتؤثر في حياتهم، ومن تلك المجالات قضايا البيئة والتغيرات المناخية؛ حيث قدّمت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- مبادرات متنوعة في سبيل مكافحة ظاهرة تغير المناخ ومعالجة التحديات البيئية.

وتُشاطر المملكة دولَ العالم فيما تواجهه من تحديات بيئية متنامية نتيجة للتزايد السكاني وتسارع الوتيرة الصناعية والاقتصادية والعمرانية والزراعية؛ فسعت جاهدة للحد من مسببات التغير المناخي، والوفاء بالتزامها بالمعايير والاتفاقيات الدولية في إطار البرامج الدولية المنبثقة عن المنظمات المتخصصة، ومنها اتفاقية باريس للتغير المناخي، الرامية لتجنب التدخلات الخطيرة الناشئة عن أنشطة بشرية في النظام المناخي.

واستشعارًا بأهمية التكاتف والتآزر الإقليمي والدولي لتعزيز العمل المناخي العالمي وخفض الانبعاثات الكربونية؛ بما يسهم في تحسين جودة الحياة ويهيئ مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة؛ أطلقت "مبادرة السعودية الخضراء"، و"مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" لرسم توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعتهما في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة؛ حيث تسهمان بشكل قوي في تحقيق المستهدفات العالمية.

يقول صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء: "إنه بصفتنا منتجًا عالميًّا رائدًا للنفط ندرك تمامًا نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وأنه مثل ما تَمثل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز؛ فإننا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء القادمة".

وتعزيزًا لهذه الجهود الرامية إلى الحفاظ على البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي، أعلن سمو ولي العهد في أكتوبر 2021م، عن استهداف المملكة العربية السعودية للوصول للحياد الصفري في عام (2060م) من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، بما يتوافق مع خطط المملكة التنموية، وتمكين تنوعها الاقتصادي، بما يتماشى مع "خط الأساس المتحرك"، ويحفظ دور المملكة الريادي في تعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة العالمية؛ في ظل نضج وتوفر التقنيات اللازمة لإدارة وتخفيض الانبعاثات.

وتسعى المملكة إلى تحقيق أهداف طموحة في مجال العمل المناخي، بحلول عام 2030م؛ تتمثل في تحويل 30% من مساحاتها البرية والبحرية إلى محميات طبيعية، وزراعة أكثر من 600 مليون شجرة.

وتعكف المملكة على تطبيق نموذج الاقتصاد الدائري للكربون؛ بهدف تنفيذ تعهداتها لتقليل الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنويًّا بحلول عام 2030م. وتماشيًا مع طموحاتها لرفع حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 50% بحلول عام 2030م، أعلنت المملكة عن 13 مشروعًا جديدًا قيد التطوير في مجال الطاقة المتجددة بقدرة إجمالية تبلغ 11.4 جيجاوات.

وتقدر قيمة الاستثمارات في هذه المشاريع بنحو 34 مليار ريال سعودي (9 مليارات دولار). ومن المتوقع أن تسهم هذه المشاريع عند بدء عملياتها التشغيلية في إزالة 20 مليون طن تقريبًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًّا.

ودعمًا لتحقيق هدف خفض الانبعاثات الذي حددته مبادرة "السعودية الخضراء" والإسهام في تعزيز الطموحات الوطنية بأن تصبح المملكة أكبر منتج ومصدّر للهيدروجين النظيف منخفض التكلفة في العالم؛ يجري العمل حاليًا على إنشاء أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم، مع التوقعات بأن يبدأ عملياته الإنتاجية بقدرة تصل إلى 600 طن يوميًّا في عام 2026م. كما حصلت كل من شركة "أرامكو السعودية"، و"سابك"، و"معادن"، على أول شهادات مستقلة في العالم كمنتجين معتمدين للهيدروجين الأزرق والأمونيا؛ مما يعزز البنية التحتية لتصدير الوقود النظيف في المملكة العربية السعودية.

وفي هذا السياق قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، خلال مشاركته في فعاليات منتدى مبادرة "السعودية الخضراء" في نسخته الثانية المنعقد في شرم الشيخ نوفمبر 2022: "تتكاتف جهود جميع الجهات الحكومية في المملكة لضمان نجاح مبادرة السعودية الخضراء. ونتطلع في العام المقبل إلى وضع اللمسات الأخيرة على خطط تطوير 10 مشاريع إضافية في مجال الطاقة المتجددة، وإضافة 840 ميجاوات من الطاقة الشمسية إلى شبكة الكهرباء الوطنية. كما نعلن اليوم أننا سنطلق برنامجًا لتداول أرصدة وتعويضات الغازات الدفيئة في مطلع عام 2023؛ بهدف تحفيز الجهود والاستثمارات في مشاريع تقليل وإزالة الانبعاثات في جميع القطاعات الحيوية بالمملكة".

كما أعلن وزير الطاقة، خلال منتدى مبادرة السعودية الخضراء، عن توقيع اتفاقية تطوير مشتركة لإنشاء أكبر مجمع في العالم لالتقاط ثاني أكسيد الكربون ونقله وتخزينه بقيادة شركة "أرامكو السعودية" وشركائها. ومن المقرر أن يباشر المركز عملياته في مدينة الجبيل الصناعية بحلول عام 2027م بقدرة التقاط وتخزين تبلغ 9 ملايين طن سنويًّا من غاز ثاني أكسيد الكربون خلال المرحلة الأولى؛ ليدعم بذلك هدف المملكة المتمثل في التقاط واستخدام وتخزين 44 مليون طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2035م.

وسعيًا من المملكة إلى تعزيز جهودها في دفع عجلة العمل المناخي محليًّا وإقليميًّا؛ أطلقت العام الماضي ثلاثة مشاريع جديدة، يتضمن المشروع الأول اعتزام المملكة إطلاق مركز معارف الاقتصاد الدائري للكربون بداية عام 2023؛ ليشكل منصة هامة تدعم جهود التعاون الإقليمي في مجال تطوير تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون، من خلال تبادل المعلومات وأفضل الممارسات والنتائج؛ بما يمكّن دول المنطقة من تنفيذ إسهاماتهم المحددة وطنيًّا، ويساعد في تحقيق الأهداف الطموحة التي حددتها مبادرة الشرق الأوسط الأخضر.

ويتضمن المشروع الثاني تأسيسَ مركز إقليمي لتسريع وتيرة خفض الانبعاثات، بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا"؛ بهدف تعزيز فرص التعاون الإقليمي دعمًا لجهود خفض الانبعاثات وتسريع اعتماد نموذج الاقتصاد الدائري للكربون؛ حيث يُعد المركز منصة قوية تتيح لدول المنطقة إيصال أصواتها والمشاركة بشكل فاعل في الحوارات المناخية العالمية، ووضع خارطة طريق واضحة لخفض الانبعاثات.

فيما يتضمن المشروع الثالث استضافة المملكة العربية السعودية بالاتفاق مع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2023؛ وذلك في فترة تسبق عقد النسخة الـ28 لمؤتمر المناخ "cop28"؛ بمشاركة أصحاب المصلحة الإقليميين والعالميين؛ بهدف استكشاف التحديات والفرص، واستعراض الحلول المبتكرة، وتعزيز العمل المناخي.

كما أطلقت المملكة مشروعين تجريبيين لاحتجاز الكربون واستخدامه بقيادة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومدينة نيوم، والشركة السعودية للكهرباء، وشركة أسمنت الصفوة، وشركة عبدالله هاشم للمعدات والغازات الصناعية المحدودة، كما أعلنت الشركة السعودية للتعدين (معادن)، وشركة جلف كرايو عن تعزيز اعتماد إطار عمل الاقتصاد الدائري للكربون وتقليل الانبعاثات.

ودعمًا لهذه الجهود أطلق سمو ولي العهد في فبراير 2019م محمية شرعان الطبيعية في محافظة العلا كجزء من سلسلة من المشاريع الاستراتيجية الرئيسية التي تقوم بھا الھيئة الملكية لمحافظة العلا؛ بهدف إعـادة التـوازن بـين الـنظم البيئية، وتشمل ھذه المبادرة إنشاء أكبر صندوق عالمي من نوعه لحمايـة النمـر العربـي باسـم: الصندوق العالمي لحماية النمر العربي.

وأسهمت مبادرة السعودية الخضراء منذ إطلاقها في زراعة أكثر من 18 مليون شجرة منها 13 مليون شجرة مانجروف، وإطلاق 17 برنامجًا بيئيًّا جديدًا في جميع أنحاء المملكة؛ بهدف استعادة المساحات الخضراء الطبيعية ومواجهة تَبِعَات تغير المناخ. ويمثل استصلاح أراضي الغابات الرطبة في المملكة طريقة طبيعية فعالة لمنع تآكل السواحل ومكافحة تغير المناخ؛ حيث تمتص هذه الأشجار كميات كبيرة من الكربون تصل إلى خمسة أضعاف ما تمتصه الغابات الاستوائية. كما أعلنت نيوم عن عزمها استصلاح 1.5 مليون هكتار من الأراضي، وزراعة 100 مليون شجرة محلية بحلول عام 2030، في إطار إسهامها في تحقيق هدف زراعة 10 مليارات شجرة.

وتتويجًا لمساعيها الرامية لحماية التنوع البيولوجي في البيئات البحرية، أعلنت المملكة عن إنشاء مؤسسة معنية بالحفاظ على الشعاب المرجانية وحماية موائل السلاحف البحرية في البحر الأحمر، ونجاحها في استصلاح 60 ألف هكتار من الأراضي غير الصالحة للزراعة.. ويجري العمل حاليًا على زراعة ما يقارب 100 نوع من الأشجار المحلية المختارة بعناية والقابلة للتكيف في مشاتل مخصصة؛ بهدف زراعتها لاحقًا في 62 موقعًا معتمدًا في جميع أنحاء المملكة. وتسهم هذه الخطوة في تنمية الغطاء النباتي الطبيعي وحماية التنوع البيولوجي وتثبيت التربة للحد من العواصف الترابية. ومن خلال تنسيق الجهود الوطنية، تمكنت المملكة من زيادة مساحة محمياتها الطبيعية بمقدار أربعة أضعاف مساحتها السابقة في عام 2016.

وكانت مبادرة "السعودية الخضراء" قد انطلقت في عام 2021م؛ بهدف توحيد وتوسيع نطاق العمل المناخي في المملكة العربية السعودية بما يتماشى مع رؤية 2030. وتعكس البرامج والمشاريع المندرجة تحت مظلة مبادرة السعودية الخضراء، التزام المملكة بمكافحة ظاهرة تغير المناخ ومعالجة التحديات البيئية الإقليمية؛ بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات هطول الأمطار، وهبوب العواصف الترابية والتصحر.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org