تزوير المواقع بهدف الاحتيال المالي.. قانوني يوضح أبرز الأساليب ويؤكد: العقوبات السعودية رادعة

تُسبِّب خسائر كبيرة للأفراد والمؤسسات
الدكتور زياد محمد بن مسفر
الدكتور زياد محمد بن مسفر

يُعدُّ تزوير المواقع بهدف الاحتيال المالي من الجرائم التي انتشرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة. ويُعتبر هذا النوع من الجرائم التي تُسبِّب خسائر كبيرة للأفراد والمؤسسات.

وأوضح الدكتور زياد محمد بن مسفر، المتخصص في الإدارة والقانون، لـ"سبق" أن من أبرز الأساليب المستخدَمة في هذا النوع من الجرائم هو البريد الإلكتروني المزيف، والمواقع المزيفة، والرسائل النصية القصيرة، والرسائل الهاتفية المزيفة؛ إذ يستخدم المحتالون هذه الوسائل للتلاعب بالضحايا، وإقناعهم بتحويل الأموال، أو تقديم المعلومات الشخصية الحساسة.

وتابع: "الفئة الأكثر تعرضًا للاحتيال المالي عادة هم المسنون والأشخاص ذوو الدخل المنخفض؛ إذ يكونون أكثر عرضة للتلاعب بسهولة من قِبل المحتالين. وبشكل عام، فإن مواجهة التحديات المتعلقة بالاحتيال المالي تتطلب تكامُل الجهود بين الأفراد والمؤسسات والحكومات والمنظمات الدولية؛ وذلك للحد من هذا النوع من الجرائم، وحماية الأمن الاقتصادي والمالي للمجتمعات المختلفة".

وأضاف: "تزوير المواقع بهدف الاحتيال المالي جريمة يعاقب عليها القانون في المملكة العربية السعودية بعقوبات صارمة، تتناسب مع خطورة الجريمة وتأثيرها على المجتمع. وفي السنوات الأخيرة شهدت السعودية تطبيق عقوبات رادعة على المتورطين في الاحتيال المالي عبر تزوير المواقع الإلكترونية. فقد نص نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ ‏79) وتاريخ 10/ ‏ 9/ ‏ 1442هـ في المادة الأولى منه على أنه «يعاقَب بالسجن مدة لا تتجاوز سبع سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على خمسة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استولى على مال للغير دون وجه حق بارتكابه فعلاً (أو أكثر) ينطوي على استخدام أي من طرق الاحتيال». إضافة إلى أنه يعاقَب من يرتكب أيًّا من جرائم النصب والاحتيال وتبديد المال بـ«السجن مدة لا تزيد على 15 سنة لكل مدين يثبت أن سبب مديونيته قيامه بعمل احتيالي، أو جمع الأموال من الناس، بغرض المتاجرة لهم، وبددها، واستولى عليها وأخفاها»".

وأشار "ابن مسفر" إلى أن جرائم النصب والاحتيال التي تتم عن طريق الشبكة الافتراضية تُصنف من الجرائم المعلوماتية الواردة في الفقرة (الأولى) من المادة (الرابعة) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية؛ إذ إنها نصت على أنه "يعاقَب بالسجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد على مليونَي ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من يرتكب أيًّا من الجرائم المعلوماتية الآتية: أولاً: الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو على سند، أو توقيع هذا السند، عن طريق الاحتيال، أو اتخاذ اسم كاذب، أو انتحال صفة غير صحيحة. ثانيًا: إذا ارتُكبت هذه الأنماط والسلوكيات عبر الشبكة المعلوماتية فإنها تعد جريمة معلوماتية، وذلك بتحقق الركن المفترض للجريمة وهو ارتكابها عبر الشبكة المعلوماتية".

وأكد "ابن مسفر" أنه لا تقتصر العقوبات على جهات الضبط والتنفيذ، بل لوزارة التجارة، وأيضًا الإعلام، عقوبات تفرضها على كل من يرتكب جرائم النصب والاحتيال، فتعاقِب وزارة التجارة كل من يخالف أحكام نظام التجارة الإلكترونية بعقوبات تبدأ بالإنذار، وغرامة تصل إلى مليون ريال، والإيقاف عن مزاولة التجارة الإلكترونية بشكل مؤقت أو دائم، وحجب المحل الإلكتروني جزئيًّا أو كليًّا، مؤقتًا أو دائمًا بالتنسيق مع الجهة المختصة.

وبالمثل تتعامل هيئة الإعلام المرئي والمسموع في حال مخالفة ضوابط الإعلان المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لنظام الإعلام المرئي والمسموع بإصدار مخالفة مالية، وقد تتضاعف عند تكرار المخالفة.

أما بالنسبة للعقوبات الدولية فأوضح "ابن مسفر" أن العديد من الدول اتخذت إجراءات لمكافحة هذا النوع من الجرائم؛ إذ تم إطلاق حملات دولية لتوعية الجمهور بخطورة هذه الجرائم، وكيفية الوقاية منها، وكذلك تم تعزيز التعاون الدولي لمحاربة هذه الجرائم، ومع ذلك لا يزال هناك حاجة لزيادة التعاون الدولي، وتكثيف الجهود لمواجهة هذا التحدي؛ إذ إن الجرائم المالية تشكل تهديدًا للأمن الاقتصادي والمالي العالمي؛ لذلك يجب على الحكومات والمنظمات الدولية العمل سوية لتبنِّي إجراءات أكثر صرامة، وتطوير أساليب متطورة لمواجهة هذا التحدي، وذلك من خلال تحسين التعاون الدولي، وتطوير التكنولوجيا المستخدمة في مكافحة الجرائم المالية، وزيادة الوعي بخطورة هذه الجرائم بين المجتمعات المختلفة.

وتابع: "وإضافة إلى ذلك، يجب على الأفراد والمؤسسات اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أنفسهم من الاحتيال المالي، مثل تجنُّب الرد على الرسائل المزيفة، وعدم الكشف عن المعلومات الشخصية الحساسة، واستخدام برامج مضادة للفيروسات، وتحديثها بانتظام، والتحقق دائمًا من صحة المواقع والرسائل الإلكترونية قبل تحويل الأموال، أو تقديم المعلومات الحساسة. وإضافة إلى ما تقدم، تواجه العديد من المواقع الإلكترونية في السعودية مخاطر الاحتيال المالي عبر تزويرها بهدف الاحتيال. وتندرج أساليب الاحتيال المالي تحت فئات عدة، تشمل البريد الإلكتروني، والتسوق الإلكتروني، ومواقع التوظيف والخدمات المصرفية الإلكترونية، والمستحضرات التجميلية".

ولفت إلى أنه في مواقع التسوق الإلكتروني يُنشئ المحتالون مواقع وهمية، تشبه مواقع التسوق الحقيقية، ويستخدمونها لجمع معلومات الدفع والبطاقات الائتمانية للضحايا. كما يقوم المحتالون بإنشاء مواقع مزيفة للبنوك الإلكترونية، ويتم إرسال رسائل بريد إلكتروني مزيفة، تدعو الضحايا لتحديث بيانات حساباتهم البنكية؛ وبالتالي يتم الحصول على بيانات الدخول الخاصة بهم.

وتابع: في مواقع التوظيف الإلكترونية ينشئ المحتالون مواقع وهمية لجمع معلومات شخصية للضحايا وبياناتهم المالية. وفي مواقع العطور والمستحضرات التجميلية يقوم المحتالون بإنشاء مواقع تبيع منتجات ماركات شهيرة بأسعار مغرية، ويتم جمع المدفوعات من الضحايا دون تقديم المنتجات.

وبيَّن: تُعرِّض هذه المخاطر الضحايا لخسائر مالية كبيرة. وتشير الإحصائيات إلى أن الفئة الأكثر تعرضًا للاحتيال هم المستخدمون الذين يعتمدون على الإنترنت في تعاملاتهم المالية والتجارية؛ ولذلك تشدد حكومة السعودية على ضرورة مكافحة هذه الجرائم، وتطبيق العقوبات على المتورطين. ولكن بالرغم من الجهود المبذولة لا يزال تزوير المواقع يُشكّل تحديًا كبيرًا للحكومات والشركات على مستوى العالم.

وقال: تفرض العديد من الدول عقوبات قاسية على المتورطين في جرائم الاحتيال المالي، وتشارك بعض الدول في تعاون دولي للحد من هذه الجرائم. ومع ذلك، لا يزال التعاون الدولي غير كافٍ لمكافحة هذه الجرائم بفاعلية؛ إذ إن المحتالين يستخدمون تقنيات وأدوات متطورة لتزوير المواقع، والحصول على المعلومات المالية للضحايا.

وأشار ابن مسفر إلى أن الوعي بالتدريب على كيفية التعرف على المواقع المشبوهة وتفاديها يمكن أن يساعد على الحد من حوادث الاحتيال المالي عبر تزوير المواقع.

ومن المهم أن يتخذ الأفراد إجراءات الحماية اللازمة لحماية بياناتهم المالية والشخصية، والتحقق من المواقع التي يتعاملون معها على الإنترنت.

وبيَّن أن هذه العقوبات تأتي في إطار حرص السلطات السعودية على الحفاظ على أمن المجتمع، وحماية الاقتصاد الوطني من الأنشطة الإجرامية، وتُشكِّل تحذيرًا قويًّا للمتورطين في هذا النوع من الجرائم.. فيما تشير التقارير إلى أن هذه العقوبات أسفرت عن انخفاض ملحوظ في عدد حالات الاحتيال المالي عبر تزوير المواقع في السعودية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org