على مدى سنوات طويلة مضت ظل المعلق الرياضي الراحل "محمد رمضان" واحدًا من أهم الأسماء في الرياضة السعودية؛ إذ ارتبطت به الجماهير، وظل مميزًا بصوته الذهبي، وثقافته الواسعة وهو يصف مجريات الأحداث الرياضية.
وبعد رحلة طويلة من العطاء، تخللها الألم، ترجّل شيخ المعلقين الرياضيين محمد رمضان، ورحل عن عالمنا اليوم الاثنين 29 إبريل 2024م، الموافق 20 شوال 1445 هجريًّا، بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر يناهز الـ91 عامًا.
ويُعتبر (رمضان) أحد أقدم المعلقين على مستوى الشرق الأوسط؛ إذ أمضى أكثر من 40 عامًا خلف المايكروفون الرياضي. كما عاش الراحل الكثير من مواقف النجاح والألم والفشل والسعادة؛ فكانت حياته زاخرة بالأحداث.
بدأ محمد رمضان مشواره لاعبًا في صفوف النصر عام 1370هــ قبل أن يتجه إلى الإعلام ليصبح محررًا بجريدة قريش، ثم البلاد، ثم في عام 1378 هــ وافق على عرض من مؤسس الهلال الشيخ عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله- للانتقال الإداري كمسؤول لشؤون العلاقات العامة بالنادي، ثم أصبح عضوًا ثانيًا لمجلس إدارة الهلال الذي شُكل في موسم 1382-1383 هجريًّا، وتم تعيينه أمينًا عامًّا للنادي.
أما مسيرته في التعليق الرياضي فبدأت من خلال برنامج أطفال بإذاعة مكة المكرمة في منتصف السبعينيات الهجرية، حتى سمعه الشاعر "طاهر زمخشري"، واقترح عليه الاتجاه إلى التعليق الرياضي، وهو الأمر الذي وافق عليه الراحل بلا تردد، وظل يتدرب لمدة 4 أيام قبل أن يقوم بالتعليق على مباراة بين الوحدة والاتحاد، ثم انطلق بعدها بمسيرة ناجحة في عالم التعليق الرياضي.
كانت أول مشاركة خارجية للمعلق الراحل في الدورة العربية بالمغرب 1380هــ، إلا أنها لم تكن سعيدة بالنسبة له؛ إذ كان مرافقًا للمنتخب السعودي الذي لعب أمام منتخبات مصر والكويت ولبنان، وقال عنها: "شعرت بالحزن والمرارة وأنا أعلق وأرى منتخب بلدي ينهزم بالتسعة والعشرة، وبعدها عرفت أن السبب عدم إعداد منتخبنا لتلك المشاركة بصورة صحيحة".
وعمل "رمضان" كذلك في مواقع إدارية بالاتحادات الرياضية السعودية، كان آخرها منصب الأمين العام لاتحاد كرة اليد. وترأس بعثات منتخب السعودية في مشاركات خارجية. وكان آخر منصب له مديرًا لمكتب رعاية الشباب في مكة المكرمة.
وفي عالم التعليق الرياضي بقيت مجموعة المباريات مرتبطة باسم الراحل محمد رمضان، وبخاصة نهائيات كأس الملك وكأس ولي العهد، التي شهدتها الملاعب السعودية القديمة، إضافة إلى المباراة المهمة في عام 1404هــ حينما حقق "الصقور الخضر" كأس أمم آسيا الثامنة في سنغافورة والتاسعة في الدوحة 1408هـ.
لكن على الجانب الآخر، من المعروف أن الراحل أصيب بجلطة مرتين بسبب مباريات يلعبها المنتخب السعودي، كانت الأولى في ماليزيا عندما كان يعلق على مباراة المنتخب مع الصين، وكان "الأخضر" متقدما 2 / 0، وفي خلال 16 دقيقة اهتزت شباك منتخبنا الوطني بأربعة أهداف؛ فأصيب بجلطة، ونُقل بطائرة خاصة. أما الجلطة الثانية فأصيب بها عندما انتصر العراق على المنتخب السعودي في دورة الخليج الرابعة في قطر بسبعة أهداف.
وقبل سنوات نشر حساب يهتم بأخبار الملك فهد على تويتر صورة نادرة، تجمع الملك الراحل مع عميد المعلقين الرياضيين بالسعودية محمد رمضان.
وتُظهر الصورة لحظة تكريم الملك فهد للمعلق الرياضي محمد رمضان خلال استقباله أبطال آسيا عام 1984.
في سنوت حياته الأخيرة عانى المعلق الراحل محمد رمضان أزمات صعبة؛ إذ كُشف في عام 2017 أنه يمر بظروف قاسية؛ أجبرته على بيع بيته بمكة دون أن يجد له مأوى، بعد أن منحه المشتري عامًا لتدبير أمره قبل تسليمه البيت.
ووقتها قال "رمضان" إنه قبض السعر، واشترى قطعة أرض في منطقة نائية في الخط الدائري الرابع، ولا يوجد فيها خدمات من أجل تأسيس مسكن.. مضيفًا بأن ثمة ظروفًا أجبرته على البيع، منها وفاة ابنته دماغيًّا في أحد المستشفيات منذ سنوات، وعجزه عن العمل نظرًا لظروفه الصحية، ومتطلبات أسرته المالية في الحياة الشاقة، مختتمًا بالقول: أنا كما يعرف الجميع تجاوزت الـ 80 عامًا".
كما تناقل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي قبل سنوات مقطع فيديو للفنان فايز المالكي، كشف خلاله عن الحال التي وصل إليها المعلق "رمضان" بسبب كثرة الديون المفروضة عليه.
وأوضح الراحل رمضان أن ابنته متوفاة دماغيًّا منذ سنوات، كما أن زوجته تعاني مرض السرطان، لافتًا إلى أن حالته الصحية مزرية؛ إذ أقعده المرض على كرسي متحرك، إضافة لكثرة الديون المُطالَب بها نظرًا إلى أنه صرف الكثير من الأموال على علاج ابنته وزوجته.
وناشد محمد رمضان النظر إلى حاله، وانتشاله من واقعه. وفورًا تفاعل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الذي كان يشغل حينها منصب ولي ولي العهد، مع ما نُشر في وسائل التواصل الاجتماعي عن المعلق الرياضي محمد رمضان، ووجّه بسداد ديونه، وتكفل بعلاجه على نفقة سموه.