بدأت هذه الأيام مواسم جني "الكمأة" أو ما تعرف محليًّا بـ"الفقع"، أحد أنواع الفطر البري التي تنمو تحت التربة بعد موسم سقوط الأمطار.
ويعد جمع الفقع ممارسة محبّبة للمتنزهين وهواة الرحلات البرية، وفيها متعة ورياضة في الوقت نفسه.
يحتاج الهواة، خلال موسم الفقع الذي يمتدّ حتى منتصف شعبان المقبل، إلى الفراسة والانتباه لأماكن تواجده؛ حيث يستخرج من تحت الأرض بطريقة فنية كي لا يتلف.
كما أصبح "الفقع" مصدر رزق لمن يجمعه لغرض البيع، وقد بدأ يظهر في الأسواق الشعبية بأثمان غالية مع بداية موسمه؛ لندرته؛ إذ يتراوح سعر بيعه من 250 ريالًا إلى 1500 ريال للكيلو، حسب نوع الكمأة وحجمها، وكلما كثر عرضه بالسوق انخفض سعره.
و"الفقع" شكله كروي منتظم، وملمسه لحمي أملس، ويتدرج لونه ما بين الأبيض والأسود، ويختلف حجمه أيضًا؛ فهناك فقع صغير بحجم حبة البندق، وفقع كبير بحجم حبة البرتقال، ويستخدم عادة في مجموعة متنوعة من الأطباق، بسبب نكهته القوية ورائحته النفاذة، وفائدته الغذائية العالية.
ويسمى نبات الفقع بـ"بنت الرعد" نسبة لأن صوت الرعد وهطول الأمطار هي مسببات نضجها ونموها حتى تصدع الأرض وتشق التربة، علامةً على نضجها كثمرة برية لها فوائد غذائية عالية.
وعن أنواعها قال عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك الدكتور خالد الزعاق، في تغريدات سابقة له: إن "لقط الفقع" من الرياضات المحبّبة للنفوس عند العرب قديمًا وحديثًا؛ فهو رياضة وفراسة.
واستشهد "الزعاق"، عبر حسابه الرسمي في موقع "تويتر"، على أهمية الفقع، بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الكمأةُ من المن وماؤها شفاء للعين"، مشيرًا إلى أن "الفقع" ثلاثة أنواع هي: الزبيدي "الأبيض وهو أنضرها"، والخلاسي "الأحمر ويعدّ أطعمها"، والجباة "الأشهب المفلطح".
واستعاد "الزعاق" القول الشعبي المأثور عن أنواع الفقع: "الخلاسي للراسي، والزبيدي لوليدي، والجباة لأم البنات".
وأوضح أن "الفقع" نوع من الفطريات ينتج عن تفاعل بكتيري بين شجرة الرقروق ونبيتة الرقة.
وذكر "الزعاق" شروطًا لظهور "الفقع"؛ أهمها أن تكون الأرض قد مُطرت مطرات عدة، وارتوت خلال "الوسم" قبل دخول المربعانية، موضحًا أن الأرض لا تنبت الفقع في مكان واحد خلال موسمين متتالين؛ لأنها تحتاج عامًا ونصف العام لاستعادة المكونات الطبيعية التي بسببها ينبت الفقع وينمو.
ويذكر المهتمون بالفقع وأماكن تواجده، أن من المناطق التي اشتهرت بأنها منابت له: المناطق البرية التابعة لمحافظة حفر الباطن والخفجي والنعيرية من المنطقة الشرقية.
كما يظهر "الفقع" في منطقة الرياض بالمناطق البرية مثل: الصمان وشمالًا حتى ضواحي الزلفي وشرق وشمال الدوادمي.
وأبرز منطقة تشتهر بظهور "الفقع" فيها هي: منطقة الحدود الشمالية كاملة؛ فينمو الفقع بفياضها ومناطقها الصحراوية من رفحاء إلى طريف، مرورًا بالعويقيلة وعرعر، وخصوصًا في شمال هذه المحافظات محاذاةً للشريط الحدودي شمالًا، وحتى منطقة الجوف جنوبًا أيضًا أرضها مجال خصب لظهور الفقع فيها مثل: العمارية وشمال سكاكا وانتهاءً بشرق القريات.
وفي منطقة حائل يظهر "الفقع" شمالًا في ضواحي جبة حتى لينة جنوب رفحاء، كذلك قد يتواجد في مناطق أخرى إذا توفرت عوامل نمو هذه النبتة الفطرية البرية.