على حزام القهوة العالمي.. "مزارع بن نجران".. تجارب تحصد ثمار النجاح

"آل حارث": زراعته بالمنطقة تُوَاكب أهداف المملكة.. "مستقبل تجاري واعد"
مزارع البن في مدينة نجران
مزارع البن في مدينة نجران

ارتبطت الزراعة بذاكرة الإنسان بنجران كموروث ثقافي واجتماعي تتوارثه الأجيال؛ فكانت نجران -وما زالت- واحة زراعية، تحتضن مختلف أنواع الأشجار والنباتات، لخصوبتها ووفرة مياهها، وأيضًا اعتدال أجوائها صيفًا وشتاء.. وكنتيجة للشغف الزراعي، استطاع المزارعون بالمنطقة زراعة أكثر من 4 آلاف شجرة بُن، بدأت بعضها في الإنتاج هذا العام، كما يتوقع -بإذن الله تعالى- بدء إنتاج الأشجار المتبقية خلال العام القادم.

وفي جولة على مزارع البن في مدينة نجران، ومركز هداده التابع لمحافظة بدر الجنوب؛ أوضح المزارع منصور بن ناصر الشرمان، الذي تقع مزرعته في مركز هداده، أنه بدأ هذا العام في حصاد ثمار البُن كأول محصول للأشجار؛ مؤكدًا نجاح زراعته لشجرة البن في مزرعته، واستخدام إنتاج هذه السنة في توفير البذور لاستزراع المزيد من الأشجار؛ نظرًا لجودة المنتج وتأقلم الشجرة مع البيئة والأجواء، إلى جانب قلة استهلاكها للماء حيث لا تحتاج لأكثر من 30 لترًا أسبوعيًّا، خصوصًا مع وجود الموقع ضمن النطاق العالمي لزراعة البُن على ارتفاع 1800 متر عن سطح البحر.

من جانبه، بيّن رئيس اللجنة الزراعية بـ"غرفة نجران" والمشرف على مزارع البن بمدينة نجران، علي ظافر آل حارث، أن أشجار البن تعيش في الدول الواقعة على امتداد ما يسمى بحزام القهوة العالمي في المناطق التي تقع على ارتفاع ما بين 800 متر إلى 2500 متر عن سطح البحر، ومنطقة نجران ضمن الحزام العالمي بارتفاع 1300 إلى 2000 متر عن سطح البحر، مع توفر العناصر التي تحتاجها شجرة البن للنمو من خصوبة التربة والمناخ الحار نسبيًّا، إضافة إلى تشابه بداية زراعتها مع زراعة فَسائل النخيل لتستفيد من ظلها وحجب الرياح النشطة عنها، ووقايتها من الجفاف، وتحمّلها ملوحة الماء إلى نسبة معينة، وتمكن المزارعون من الاستفادة من هذه العوامل مع كثرة مزارع النخيل التي تعتبر مزارع مثالية جاهزة لزراعة البن لتخفيف الآثار البيئية التي تؤثر عليها كمصدات للرياح الشديدة ووقاية من أشعة الشمس المباشرة، وكذلك لترطيب الهواء الجاف مع قلة الأمطار.

وأشار إلى أن شجرة البن لا تشغل مساحات كبيرة للزراعة فهي شجرة متوسطة الحجم يكون لها جذع رئيسي تتفرع منه الأغصان الحاملة لورق الثمار وتزرع في مسافات متقاربة بمقدار مترين عن بعضها، وتتسع مساحة 2500 متر مربع لأكثر من 600 شجرة بن وهي من النباتات المعمرة دائمة الخضرة، وتعيش لأكثر من 40 عامًا وتُزرع من البذور الناضجة السليمة ذات اللون الأحمر والحجم الكبير في تربة زراعية، وتنبت في مدة 6 إلى 7 أسابيع ولا تحتاج إلى تطعيم، وبعد أن تنبت تُنقل إلى مراكن حتى عمر ما بين 6 إلى 12 شهرًا، بعد ذلك تنقل إلى مواقعها الدائمة، وتغرس بمسافة مترين عن بعضها، وتُروى بحسب الحاجة، ويتم حمايتها في العام الأول من أشعة الشمس والرياح بتظليلها بسعف النخيل أو الروكلين الأخضر أو الخيش حتى تكبر، كما يفضل زراعتها في الأماكن متوسطة الظل لحمايتها من الشمس، لتُغرس تحت النخيل أو أشجار الباباي (العلب).

وتحدّث عن طرق زراعة البن والمحافظة عليها من الآفات الزراعية المعروفة كالعفن والحشرات القشرية، والبق الدقيقي، باستخدام المبيدات الزراعية عند الحاجة، ويتم تسميدها كبقية أشجار الفاكهة بالسماد الطبيعي عند برودة الشتاء ليوفر لها الدفء ويكون التسميد بحسب الحاجة، ونوع التربة؛ مبينًا أن شجرة البن تبدأ الإزهار في العام الثاني بحسب قوة النبتة، وتعطي إنتاجها الاقتصادي في العام الرابع حيث تُزهر مرتين في العام وتُثمر وتكبر وتتحول للون الأحمر تدريجيًّا، وتُقطف الثمار الحمراء وتجفف فتتحول للون البني ومن ثم تُجمع ويُستخرج منها البن الصافي بكسر القشرة الخارجية والداخلية ونخلها بمنخل مناسب؛ حيث تحتوي الثمرة على فص قهوة أو فصين في الغالب.

وأكد "آل حارث"، أن زراعة البن في منطقة نجران لها مستقبل واعد بشكل تجاري، سيسهم -إن شاء الله تعالى- في تحقيق الأهداف المرسومة لإنتاج القهوة السعودية بالمملكة التي تستهدف إنتاج ما يقارب 2500 طن في عام 2032؛ حيث تتمتع المنطقة بقيم نسبية في زراعتها من ناحية خصوبة التربة وعذوبة المياه، واتساع المساحات الزراعية، والاستفادة من مزارع النخيل لزراعة أشجار البن في أحواضها؛ لافتًا إلى أن الطلب متزايد من المزارعين بالمنطقة على شتلات البن؛ حيث تم زراعة 50 ألف بذرة من البن، كما سيتم خلال الأشهر القادمة زراعة 200 ألف بذرة، لتوزيعها على المزارعين ولزيادة أعداد أشجار البن بمنطقة نجران خصوصًا مع النجاح الكبير لزراعتها ولمردودها الاقتصادي بوصفها منتجًا عالميًّا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org