أطلقت المملكة العربية السعودية، مساء الأحد، الرحلة العلمية المتجهة إلى الفضاء التي على متنها أول رائدي فضاء سعوديين "ريانة برناوي" و "علي القرني" من محطة الفضاء الدولية (ISS) بمدينة كيب كانيفرال في ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية.
وتفصيلاً، تهدف هذه المهمة إلى إجراء تجارب علمية وبحثية رائدة تُسهم نتائجها في تعزيز مكانة المملكة عالميًا في مجال استكشاف الفضاء، وخدمة البشرية، وإبراز دور مراكز الأبحاث السعودية وتأكيد جهودها الحثيثة في إحداث تأثير علمي في هذا المجال.
وسيخوض رائدا الفضاء خلال رحلتهما 11 تجربة بحثية وعلمية في بيئة الجاذبية الصغرى، إضافة إلى 3 تجارب تفاعلية تعليمية مع طلاب وطالبات المدارس في المملكة، ليصبح مجموع التجارب 14 تجربة تستهدف القيام بالأبحاث البشرية وعلوم الخلايا، وتجارب الاستمطار الصناعي في بيئة الجاذبية الصغرى.
ويشرف مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وفريق العلماء التابع له، برئاسة الدكتور خالد أبو خبر، ومشاركة الدكتورة وجدان الأحمدي، والدكتور أدوار حتي، بالتعاون مع الهيئة السعودية للفضاء على تجربة علوم الخلايا، وكيفية تغير الاستجابة الالتهابية في الفضاء وخصوصًا التغييرات الحاصلة على عمر الحمض النووي الريبونووي المراسل الذي يعد جزءًا أساسيًا لإنتاج البروتينات المؤدية إلى الالتهاب، كما أنه سوف يتم أيضًا استخدام نموذج خلايا مناعية لمحاكاة استجابة الالتهاب للعلاج الدوائي أثناء الجاذبية الصغرى في الفضاء.
وتتولى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، برئاسة الدكتور أشرف فرحات، وبالتعاون مع الهيئة أيضًا، الإشراف على تجربة الاستمطار في الجاذبية الصغرى الهادفة إلى محاكاة عملية البذر السحابي التي تُستخدم في المملكة والعديد من الدول لزيادة معدلات هطول الأمطار، لمساعدة العلماء والباحثين على ابتكار طرق جديدة لتوفير الظروف الملائمة للبشر - ومنها عمل الأمطار الصناعية - للعيش في مستعمرات فضائية على سطح القمر والمريخ، كما ستُسهم التجربة في تحسين فهم الباحثين لتقنية الاستمطار مما سيُسهم في زيادة معدلات الأمطار في العديد من الدول.
وتقود من جانبها شركة "سديم" للبحث والتطوير بقيادة الدكتور بدر شيرة، بالتعاون مع الهيئة، ست تجارب في مجال الأبحاث البشرية لمعرفة التكيف البشري في رحلات الفضاء ومدى أمانها على الدماغ، وفهم التأثيرات التي تطرأ على صحة الإنسان أثناء الوجود في الفضاء، وسيتم خلال تلك التجارب اختبار وظائف الأعضاء والأجهزة الحيوية للإنسان في الجاذبية الصغرى، مثل قياس تدفق الدم إلى الدماغ، وتقييم الضغط داخل الجمجمة، والنشاط الكهربائي للدماغ، ومراقبة التغيرات في العصب البصري؛ مما يساعد في جعل الرحلات الفضائية أكثر أمانًا للإنسان في المستقبل.
وتتضمن التجارب أخذ عينات الدم والعينات البيولوجية لفحص المؤشرات الحيوية المرتبطة برحلات الفضاء، ورسم خريطة التغيرات في الطول والبنية والتخلق الوراثي للجينات.
وسيكون لطلاب وطالبات المملكة مشاركة في التجارب العلمية على متن المحطة الدولية للفضاء، لتعزيز الوعي المعرفي بعلوم الفضاء وإسهامه في تحسين جودة الحياة على الأرض، من خلال مقارنة تجاربهم في الأرض مع تلك التي يتم إجراؤها من قِبل الطاقم السعودي على متن محطة الفضاء الدولية، مما يضمن التفاعل اللحظي، إذ سيتمكن الطلاب من التواصل مع رواد الفضاء السعوديين مباشرة بإجراء تجاربهم معًا، بالتعاون مع وزارة التعليم، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع "موهبة"، ومدارس الرياض، ومدارس مسك.
وتعد الرحلة ضمن برنامج المملكة لرواد الفضاء الذي يعد أحد البرامج التي تهدف في مرحلتها الأولى إلى إرسال رائدي فضاء ضمن رحلة مأهولة إلى محطة الفضاء الدولية، على ارتفاع ما يقارب 420 كلم فوق سطح الأرض.
ويتوقع أن يُسهم البرنامج في كل من: ترسيخ مكانة المملكة ووضعها في مصاف الدول الرائدة، وإلهام الأجيال القادمة بخصوص تقنيات الفضاء وأهميته، وتعزيز الأبحاث العلمية في مختلف مجالات الفضاء، وتعزيز الشراكات الوطنية والتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
ويحمل البرنامج أهمية خاصة في تحقيق طموحات المملكة ومستهدفات رؤية 2030 في مجال الفضاء، إلى جانب إسهامات البرنامج الفاعلة في رفع مكانة المملكة في قطاع الفضاء، ووضعها ضمن الدول الرائدة في مجال الفضاء بحلول 2030م.
ومن أبرز العوائد المتوقعة على مستقبل الوطن: تفعيل الابتكارات العلمية في البرنامج على مستوى علوم الفضاء التي تنعكس إيجابًا على مستقبل الصناعة والوطن، التركيز على أهمية تنمية المهارات مثل زيادة الاهتمام الوطني بخريجي مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، ورفع مستوى استثمار طاقاتهم، تنمية رأس المال البشري اتباعًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 - من خلال جذب المواهب وتطوير المهارات اللازمة.
ويعمل البرنامج على تعزيز مكانة المملكة في خريطة الدول التي تتسابق للفضاء وتستثمر في علومه المتخصصة، كما أن تدشين هذا البرنامج سيمهد الطريق لطموح المملكة في مجال استكشاف الفضاء، ولاسيما أن المملكة قادرة على إجراء أبحاثها الخاصة بشكل مستقل.
وتتعزز هذه الطموحات بامتلاك المملكة إنجازات سابقة أسهمت في رحلات الفضاء وتطويرها ونماذج وطنية مشرفة ستعمل على تحقيق إنجازات على المستويين المحلي والدولي، ويطمح من خلال البرنامج إلى تمكين المزيد من المواطنين المتميزين والموهوبين لإطلاق قدراتهم والمنافسة محليًا وعالميًا.
وعن تفاصيل الصاروخ (فالكون 9) والمركبة الفضائية (دراجون)؛ فإن صاروخ فالكون والمتكون من جزءين، يستخدم لنقل الأقمار الصناعية والمركبة الفضائية ”دراجون“، ذو طول بلغ 70 مترًا، الذي يحتوي من الأعلى إلى الأسفل على مركبة دراجون، ثم يليه الجزء الثاني، ويتلوه الجزء بين الأول والثاني، وينتهي بالجزء الأول.
ومحتويات الصاروخ، هي: مركبة دراجون، تصل حمولتها إلى 7 ركاب من وإلى المدار، وهي قادرة على إعادة كميات كبيرة من الحمولات إلى الأرض، التي تعد أول مركبة فضائية خاصة تنقل البشر إلى المحطة الفضائية.
أما الجزء الثاني من الهيكل؛ فإنه يعمل بمحرك واحد من فئة ”ميرلين“، ويشتعل محرك الجزء الثاني بعد ثوانٍ قليلة من انفصال الجزء الأول (يمكن إعادة تشغيله عدة مرات). ويحتوي هذا المحرك على 220,5 رطلاً من الدفع، ويستطيع الاشتعال لمدة 397 ثانية. ويحمل المركبة دراجون، ويمكّنها من الوصول إلى المدار المطلوب، لتمكين الارتباط مع محطة الفضاء الدولية.
في المقابل، الجزء الأول من الهيكل؛ يتضمن صاروخ فالكون 9 محركات من فئة "ميرلين“ وخزانات من سبائك الألومنيوم والليثيوم التي تحتوي على أكسجين سائل ووقود دفع للصواريخ (RP-1). ويولّد الجزء الأول أكثر من 1.7 مليون رطل من الدفع على مستوى سطح البحر.