
أكد الدكتور محمد بن عايض القرني، المستشار والخبير الاستراتيجي في التحول الرقمي وإدارة المعلومات، أن نقص الكفاءات المهنية في مراكز الوثائق والمحفوظات يمثل تحديًا جوهريًا أمام تطوير هذا القطاع ورفع كفاءته داخل الجهات الحكومية والخاصة.
وأوضح أن هذه المراكز تُعد العماد الأساسي لضمان استدامة العمل المؤسسي وصناعة القرار الفعّال، مشيرًا إلى أن النقص الحالي يضعف قدرة المؤسسات على التعامل مع اللوائح المنظمة لإدارة الوثائق والسجلات الإدارية والمالية والسرية، ما يجعل إدارتها تتطلب خبرات متخصصة.
وبيّن أن من أبرز أسباب هذا النقص غياب البرامج التدريبية المتخصصة، وضعف الوعي بأهمية المجال، ومحدودية الميزانيات المخصصة لتأهيل الكوادر، إضافة إلى ضعف معايير التوظيف التي تركز على المؤهلات العامة بدلًا من المهارات الفنية، مما يفاقم فجوة الكفاءة والاحترافية.
وأضاف الدكتور القرني أن التقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، تتيح فرصًا لتعويض النقص في الكوادر البشرية، من خلال أتمتة عمليات التصنيف والتحليل والاستخراج، وتسريع الوصول إلى المعلومات وتقليل الأخطاء البشرية.
ودعا إلى تبني استراتيجيات متكاملة تشمل التدريب المستمر، وتحسين استقطاب الكفاءات، وإقامة شراكات مع الجامعات، وتطبيق أنظمة إدارة الوثائق الإلكترونية (EDMS)، بما يسهم في بناء جيل من المتخصصين القادرين على مواكبة متطلبات العصر الرقمي.
وشدد على ضرورة رفع الوعي المجتمعي بدور مراكز الوثائق في دعم الشفافية والحوكمة والتنمية المستدامة، مؤكدًا أن هذه المراكز ليست مجرد مخازن معلومات، بل تمثل القلب النابض للمنظمة، ومن خلالها تُبنى القرارات وتُصان الذاكرة المؤسسية.
وختم الدكتور القرني بالتأكيد على أن الاستثمار في الكفاءات البشرية والتقنيات الحديثة هو الضمان الحقيقي لكفاءة واستدامة الأداء المؤسسي مستقبلاً.