تواصلت، اليوم، أعمال المؤتمر الدولي حول المرأة في الإسلام (المكانة والتمكين) الذي تنظمه الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، وتستضيفه المملكة العربية السعودية في مدينة جدة.
وبدأت أعمال اليوم الثاني بالجلسة الثالثة "المرأة المسلمة في الإطار الخليجي والعربي والإسلامي"، حيث تناولت رئيسة هيئة حقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية الدكتورة هلا بنت مزيد التويجري دور مؤسسات حقوق الإنسان وهيئاتها الوطنية في مكافحة التمييز ضد المرأة في التشريعات والتطبيقات وأوضحت أنَّ حقوق المرأة شهدت تطورات كبيرة على المستوى العالمي في القرنين الماضيين، وذلك بسبب الثورة الصناعية والتحولات الكبيرة التي فرضتها على المجتمعات
بدورها، حذرت رئيسة منظمة مراقبة الأسرة الدولية في الولايات المتحدة شارون سلاتر من أنه على مدى العقدين الماضيين، كانت هناك إعادة تفسير غير معلنة لمعاهدات الأمم المتحدة أدَّت في بعض الأحيان إلى تشويه حقوق الإنسان، وربما ألحقت الضرر بالنساء والأطفال ومؤسسة الأسرة مشيرة إلى أنه وتحت شعارات مختلفة، مثل منع حمل المراهقات والعنف القائم على نوع الجنس، تدفع بعض الهيئات الدولية إلى شكل من أشكال التثقيف الجنسي الذي يتعرض للانتقاد بسبب إثارة هذه القضايا الحساسة لدى الأطفال قبل بلوغهم السن الطبيعي لها.
وأشارت المديرة التنفيذية للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتورة نورة الرشود إلى أن المرأة على المستوى العالمي نالت الكثير من حقوقها بعد المراجعات العميقة لحقوقها في العديد من المجتمعات، وذلك بسبب عملية التحديث التي اندرجت فيها أغلب دول العالم في خلال العقود الأخيرة، مؤكدة أنَّ هذه المراجعات اختلفت من دولة إلى أخرى، حيث ركَّزت بعضها على المساواة القانونية والرسمية فقط متجاهلة الاختلافات النفسية والجسدية
من جانبه، استعرض الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية والاجتماعية والأسرة بمنظمة التعاون الإسلامي السفير طارق علي بخيت حضور المرأة في قرارات منظمة التعاون الإسلامي بين التشريع والتطبيق، مشددًا على أنَّ المنظمة تعتبر قضايا المرأة المسلمة من أهم القضايا على أجندات عملها.
وقالت رئيسة اللجنة الوطنية للسكان والتنمية في طاجيكستان إنَّ مسألة مواءمة المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق المرأة مع القوانين والتشريعات المحلية في العالم الإسلامي أصبحت قضية ملحة، مشددة على أن تحقيق هذا التوازن أمر بالغ الأهمية لضمان احترام حقوق المرأة دون المساس بالقيم الثقافية والدينية للدول ذات الأغلبية المسلمة.
وخلال الجلسة الرابعة "المرأة المسلمة في المجتمعات المعاصرة: الفرص والتحديات" تطرَّقت وزيرة الدولة السابقة للشؤون الخارجية في باكستان هينا رباني خار إلى حضور المرأة المسلمة في المجال الدبلوماسي، واستعرضت بعض التحديات والفرص التي تواجه المرأة المسلمة التي تتطلع للمشاركة النشطة في العمل الدبلوماسي.
وتناولت مدير عام مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية (سيسرك) زهراء زمرد سلجوق مسألة مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والحياة العامة في بلدان منظمة التعاون الإسلامي وأبرز التحديات التي تواجهها، وذلك من خلال النظر في أحدث البيانات والإحصاءات المتاحة.
وتطرَّقت مديرة جامعة عفت في السعودية الدكتورة هيفاء جمل الليل، إلى التعليم بوصفه رافدًا مهمًا في حياة المرأة المسلمة المعاصرة، مؤكدةً أن الإسلام اهتمَّ كثيرًا بتعليم المرأة وتثقيفها، وجعل التعليم حقًا راسخًا لها يأتي في مقدمة الحقوق التي كفلتها الشريعة الإسلامية للمرأة.
وأكدت الأستاذة في قسم الاتصال الجماهيري في جامعة إيلورين بنيجيريا أنَّ وسائل الإعلام أداة لا غنى عنها لتشكيل وتغيير السلوك البشري وتصورات الأفراد عن الآخرين، مشددة على ضرورة التصدي للصور النمطية التي توثر على ظهور المسلمة وقدرتها على البقاء في وسائل الإعلام.
واعتبرت الناشطة الحقوقية والرئيسة السابقة لجمعية الهلال الأحمر الأفغانية فاطمة جيلاني أنَّ التعايش بين التقاليد المحلية المتجذرة ومبادئ الإسلام يشكل تحديًا معقدًا، في دول مثل أفغانستان وأنه في حالات مثل المشكلة الحالية المتعلقة بتعليم المرأة وعملها في أفغانستان، فمن الواضح أنَّ هذه القضية في الواقع ليست من أسس الإسلام، وتتناقض مع التوجيه القرآني "اقرأ" العام والشامل لكافة أفراد المجتمع
وخلال جلسة العمل الخامسة والأخيرة "آفاق تمكين المرأة المسلمة في التعليم والعمل" أوضحت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان روزا أوتونباييفا أنَّ الأمم المتحدة تلعب دورًا محوريًا في الدعوة إلى المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، لا سيما في مجالي التعليم والعمل مؤكدة أنَّ الأمم المتحدة دعت باستمرار إلى التعليم الشامل والمنصف
وتطرَّقت الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة في المملكة العربية السعودية الدكتورة ميمونة الخليل إلى مسألة "المتطلبات التشريعية لتمكين المرأة في التعليم والعمل" معتبرة أن تمكين المرأة في مجالي التعليم والعمل يعد أهم محور في الجهود الدولية لتمكين المرأة؛ لكونهما أهم مؤشرات الاندماج الفعال للمرأة في المجتمع، فالتعليم يمكنها من مهارات التواصل والانفتاح والمساهمة الإيجابية ويسلحها بالمعرفة، والعمل يفتح لها باب ممارسة هذه المعرفة وتفعيل المهارات التي اكتسبتها طيلة مراحل تعلمها.
بدورها، أبرزت مديرة مرصد المرأة بموريتانيا الدكتورة مهلة طالبنا بعض النماذج الإيجابية لتوافق التعاليم الإسلامية مع العادات والتقاليد الاجتماعية في تكريم وتمكين المرأة، مشيرة إلى أن تعاطي تعاليم الإسلام مع العادات والتقاليد المتعلقة بالمرأة يأخذ منحى أخلاقيًا يسعى إلى ضمان كرامتها؛ وآخر تشريعيًا يكرّس تعزيز دورها.
وأكدت عميدة كلية الدراسات الإسلامية في الجامعة المحمدية بإندونيسيا الدكتورة فاطمة نورة فؤاد أنَّ الحملة المستمرة حول حقوق المرأة التعليمية ضمن المنظور الإسلامي وتمكينها ستؤدي تدريجيًا إلى أن يكون للنساء المسلمات المتعلمات دورًا مهمًا ومؤثرًا في تحول المجتمع والدولة.
من جانبها، أكدت المديرة التنفيذية لمجلس شؤون المرأة بجمهورية غامبيا بينتا جاما سيديبي، التزام منظمة التعاون الإسلامي بالصكوك القانونية الدولية التي تعزز حقوق جميع النساء، بما في ذلك النساء المسلمات، في مجالات مثل التعليم والعمل.
ويختتم المؤتمر أعماله مساء اليوم الأربعاء بعد ثلاثة أيام شهدت خمس جلسات عمل ناقش خلالها وزراء ومسؤولون ومفكرون وعلماء مختلف القضايا المتعلقة بالمرأة وتمكينها في العالم الإسلامي.