في مثل هذا اليوم الأول من رمضان وقبل 45 عاماً وبالتحديد في عام 1395هـ وقع صراع عنيف صراع الموت من أجل الحياة بين أحد مواطني مركز "مربه عسير"، وبين نمر من نمور الغابة وهي القصة التي لا تزال محفورة في ذاكرة كبار السن من سكان تلك القرى، ويروي الباحث التاريخي عبد الله العمراني لـ "سبق " بالصورة قصة الصراع بين الإنسان والحيوان.
وقال العمراني" تمتاز مناطق عسير والجنوب بصفة عامة بأنها مناطق جاذبة لجمال طبيعتها وخضرتها وجبالها الجميلة وهي ملاذ للنمور العربية التي دائماً ما تقطن الجبال العالية، وهذه القصة تعد توثيقا لتاريخ تواجد النمور العربية في السعودية، مشيراً أن الصراع بين الإنسان والحيوان قديم جداً ورغم تطور الزمن وتقدمه واستغلال الإنسان لعقله في التغلب على الحيوان إلا أن ذلك لا يعني انتصاره الكامل.
وأضاف " بالتحديد في تهامة عسير " مربه " وقع صراع عنيف صراع حياة أو موت بين أحد المواطنين ويعرف بسعيد محمد عسيري والنمر العربي ، فبينما كان ـ عسيري ـ يرعى غنمه في المناطق القريبة منه والتي اشتهرت بوفرة الرعي (حتى أن مالكي الأغنام والإبل في تلك الفترة لا يجدون مجهودا لتوجيه قطعانهم بسبب وفرة الرعي والأعشاب في كل مكان) ، وفي الوقت الذي كان فيه " راعي القطيع " في مكان يستريح فيه من السير فوجئ بأن نمراً يفترس ماعزاً من غنمه فلم يتمالك الراعي نفسه - الذي لم يكن يحمل بندقية - فحاول إبعاد النمر برمي العصاة التي كان يحملها معه لهش غنمه ثم بدأ برمي الحجارة عليه، مما تسبب ذلك في استثارة النمر الذي ترك الفريسة وانطلق لمهاجمة الراعي ، فضرب الراعي بيمناه ألقاه على الأرض.
وأضاف " بعد أن سقط الراعي على الأرض انقض النمر عليه محاولاً افتراسه، وغرس أنيابه في صدغه ، فأخرج الراعي سكينا من وسطه كانت معه وطعن النمر في بطنه إلا أن ذلك تسبب في ازدياد جنون النمر وشراسته فأخذ الراعي يطعن النمر عدة طعنات سريعة وكثيرة وفي الوقت ذاته يستنجد بمن حوله لمساعدته بصوت مرتفع لعل أحدا قريبا يهرع لمساعدته ويخلصه من أنياب النمر وكان الراعي وهو يطلب المساعدة ينادي شقيقه ويدعي أحمد محمد عسيري.
وقال الباحث العمراني: " سارع " أحمد عسيري ـ لتخليص شقيقه من أنياب النمر الذي تمكن من النيل من صدعه ورأسه ، حين وصل أحمد أمسك برأس النمر وفصلها ثم فك أنيابه عن الأجزاء التي كان يحاول افتراسها من شقيقه ، ثم أحضر سعيد وشقيقه أحمد عسيري برأس النمر إلى المستشفى ليؤكدوا أنه سبب الإصابات.
يُذكر أن النمر العربي إحدى سُلالات النمور ويبقى الأصغر حجماً بين سُلالات النمور جميعها، والتي تنتشر في قارتي آسيا وافريقيا وتقطن النمور العربية وفقا ـ لويكبيديا ـ الجبال العالية على عكس ما يظنه العامّة من أنها حيوانات قاطنة للصحراء تتواجد بصورة رئيسيّة في المناطق الجبيلة كمنطقة عسير وتقتات النمور العربية على الوعول النوبية والماعز البري والطهر العربي والثعالب وغيرها من الحيوانات الجبيلة.
والنِمر العربي يتميز بنشاطهِ نهاراً وليلاً ولكنه يبقى حذرا من التواجد البشري، وهذه الحيوانات انعزالية لا تلتقي غيرها من النمور إلا في فترة التزواج وتصل أعمار النمور في البرية ما بين 10 إلى 15 سنة، بينما تصل أعمارها في حدائق الحيوان حتى 52 عاماً.
تقتات النمور العربية على الماشية المستأنسة الماعز عادة بشكل كبير وذلك عائد إلى أن طريدتها الطبيعية أي الطهر العربي وغزال الجبل قد أصبحت نادرة لدرجة كبيرة أو حتى اختفت في بعض الدول التي تقطنها، وهذا التصرف بدوره يضعها في مواجهة مباشرة مع الانسان بالرغم من أن هذا يحدث في اليمن والسعودية غالبا و تفترس النمور العربية الثعالب وأي نوع أخر من الثدييات الصغيرة بالإضافة إلى الطيور والجيفة ـ وهي تصطاد أثناء فترة الغسق والفجر إجمالا وتنشط أثناء الليل بشكل أكبر من النهار الذي تمضيه في أماكن ظليلة مخفيّة عن العيون هربا من الحرارة المرتفعة.