تفتقر المحافظات الجبلية بمنطقة جازان، للكثير من الرعاية والخدمات، وتختبئ خلف تلك الجبال العديد من القصص والمعاناة.
تواجدت "سبق" في إحدى تلك المحافظات التي تقع شرق جازان على بُعد ١١٠كم تقريبًا، وهي محافظة هروب، في جبال الصهاليل تحديدًا؛ لتنقل معاناة أسرة مهددة بالنزوح، بلا منزل بديل يأويهم، ويعاني معظم أفراد الأسرة من أمراض نفسية وإعاقات جسدية.
أنفاس تحتبس
أصطحبنا مسعود الصهلولي (الابن الأكبر في الأسرة) بسيارته ذات الدفع الرباعي، بعد أن استحال إكمال الطريق بالسيارة الصغيرة.. انطلقنا إلى منزله الواقع في قرية الضاجع بأعالي جبال الصهاليل، استغرقت رحلتنا من محافظة هروب حتى منزله ما يقارب الساعة حتى الوصول، احتبست في تلك الدقائق الأنفاس عبر منعطفات وعرة، والانهيارات على امتداد الطريق الرملي، حتى الوصول إلى المنزل المتهالك.
رواية "شوقة"
التقت "سبق" بالسبعينية "شوقة الصهلولي" (والدة مسعود الصهلولي)، وبحسب روايتها؛ فقد كانت نائمة في حجرتها أثناء وقوع الانهيار وسقوط الصخور، وكانت قريبة منها، ولا يفصل بينها وبين الانهيار سوى حائط؛ إلا أن رعاية الله أنقذتها من الموت، وألحقت الأضرار بمنزلهم الصغير، وسبّبت تصدعات لأسطح وجدر المنزل، وقطعت السبيل عليهم.
ليلة الانهيار
وتفاصيل ليلة الانهيار كما حكتها "شوقة" تقول: "سمعت دوي صوت رهيب، عند منتصف الليل تقريبًا، وهرعت بعدها مسرعة لخارج غرفتي؛ فإذا بصخور عملاقة قد أحاطت بي وبغرفتي، واستنجدت بأبنائي لمساعدتي في الخروج".
أسرة كبيرة في منزل متهالك
ويعيش ٢٠ فردًا من أفراد الأسرة، في بيتهم الحجري المتهالك في قمم الصهاليل بقرية الضاجع، داخل حجرات ضيقة، وجدران متصدعة، غارقين في مياه الأمطار التي تسربت إلى داخله، بالرغم من أنهم ضمن الأسر المدرجة في برنامج السكن الميسر، ومنازلهم بحاجة إلى بناء وترميم؛ بحسب بيان جمعية البر الخيرية بمحافظة هروب.
مطالبة بالنزوح
وقال "الصهلولي": "بعد أن حدث الانهيار الكبير بجوار منزلنا، حضرت الجهات المختصة لموقع منزلي، وطالبوني بسرعة مغادرتي المنزل، لخطورة بقائنا، واحتمالية تفاقم المشكلة عند استمرار هطول الأمطار".
محاطون بالخطر
وتابع: "لم نجد أمامنا من خيار سوى البقاء في منزلنا، وعلى مسؤوليتنا الشخصية، ننتظر رحمة الله، يحيط بنا الخطر كل حين، بعد أن ضاقت بنا السبل وتعذرت الحلول؛ لعدم وجود مأوى بديل نغادر إليه".
إعاقة مسعود
وأوضح مسعود الصهلولي، أن دعم التأهيل الشامل تم إنقاصه عنه، وقطعه عن أمه وأخيه متعب، رغم إعاقتهم؛ فمسعود -بحسب التقارير الطبية- لديه تقوّس شديد في العمود الفقري، مع انحناء والتفاف في الضلوع، وهو غير قادر على العمل، فحركة الرئة محدودة نتيجة ضغط الضلوع عليها بنسبة 80%.
أمراض وانقطاع للدعم
ويعاني متعب الصهلولي الابن الآخر، من اضطرابات نفسية، أما والدتهم "شوقة" فمعاقة في يدها ومصابة بالروماتزم وتصعب حركتها، عوضًا عن مرضها النفسي، والأبناء أحمد ومحمد الذين يعولون أسرهم بدون عمل، فيما يعاني باقي أفراد العائلة من "أنيميا" وأمراض أخرى؛ مما جعل قلة وانقطاع الدعم عنهم يزيد من معاناتهم، وعدم استطاعتهم دفع إجار سكن بديل".
مناشدة عاجلة
وعبر "سبق" ناشدت الأسرة المحتجزة أمير منطقة جازان ونائبه، مساعدتهم في إيجاد مأوى يحميهم من الخطر الذي يتربص بهم؛ فيما ناشد أهالي قرية الضاجع وسالكي طريق القنا تعبيد طريقهم، الذي يخدم عشرات الأسر، وينقطع بين فترة وأخرى بمجرد هطول الأمطار.