تشهد المملكة العربية السعودية تحولات كبرى أسهمت بإعادة صياغة مفاهيم العمل، ومن بينها تطبيق نحو 400 من الإصلاحات المرتبطة ببيئة الأعمال والاستثمار، بالإضافة للمزيد غيرها التي من المتوقع تنفيذها في المستقبل.
وفي إطار حرص المملكة الحثيث على تنويع اقتصادها، ومصادر دخلها، وجذب رؤوس الأموال والاستثمارات، وذلك للخروج من عباءة النفط وسطوته، أعلن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة.
وعكست هذه الخطوة الجديدة حرص سموّه على تطوير وتنويع الاقتصاد السعودي وتحسين البيئة الاستثمارية، بما يعزز مكانة المملكة كوجهة استثمارية عالمية رائدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله.
تُعرف المنطقة الاقتصادية الخاصة (SEZ) بأنها منطقة يتم تحديد حدودها جغرافياً، وتحظى بمعاملة وميزات تنافسية أو تشريعية خاصة، تختلف عن الاقتصاد الأساسي للأنشطة الاقتصادية التي تمارس داخلها، مع عدم الإخلال بالاتفاقيات والالتزامات الدولية النافذة في المملكة.
وتُعد تلك المناطق مراكز تنموية فاعلة، وذلك من قدرتها على استقطاب عوامل الإنتاج (بما في ذلك: رأس المال، والعمالة، والتقنيات المتطورة)، هذا بالإضافة إلى دور المناطق الاقتصادية الخاصة كمناطق عالمية، وما يصاحبها من تحولات اقتصادية اجتماعية تسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
ستحظى المملكة بأربع مناطق اقتصادية خاصة واعدة تتوزع على أكثر من بقعة جغرافية حيوية، وذلك لسهولة وصول الأعمال والمنتجات إلى أهم الأسواق العالمية، وهي:
تقع في منطقة مكة المكرمة على مساحة 60 كم2، وبالقرب من البحر الأحمر الذي يحتضن نحو 13% من تدفقات التجارة العالمية، مما يتيح للأعمال الوصول إلى سلاسل الإمداد العالمية بالاعتماد على بنية تحتية عالمية المستوى وواحد من أكثر الموانئ كفاءة على مستوى العالم، وفقاً لتقرير البنك الدولي 2022.
وستتركز تلك المنطقة على عددٍ من مجالات العمل، ومنها سلسلة توريد وخطوط تجميع السيارات، والسلع الاستهلاكية، وتقنية المعلومات والاتصالات (تصنيع الأجهزة الإلكترونية البسيطة)، والصناعات الدوائية، فضلاً عن التقنية الطبية، والخدمات اللوجستية.
تتمتع المنطقة الاقتصادية الخاصة برأس الخير بموقع مميز في قلب منطقة الخليج العربي على مساحة 20 كم2 في مدينة الجبيل، كما تتمتع بتوافر قوى عاملة متخصصة، ونظام نقل متطور وفعال يتيح وصول المنتجات والأعمال إلى أهم الأسواق العالمية.
وستتركز أهم مجالاتها في بناء السفن وصيانتها وإصلاحها وتشغيلها، ومنصات الحفر البحرية وصيانتها، وإصلاحها، وتشغيلها، حيث ستكون قادرة على استيعاب 300 سفينة سنوياً في أكبر حوض لبناء السفن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
بحجم 24.6 كم2 تقع تلك المنطقة على طريق الشحن الحيوي عبر البحر الأحمر، حيث يتميز هذا الموقع بقربه من الأسواق الإفريقية المتنامية، إضافة إلى دوره المهم كمنصة للاستثمار السعودي-الصيني.
وستتركز مجالات عملها على معالجة الأغذية، وتحويل المعادن، إضافة إلى الخدمات اللوجستية.
تُعد هذه المنطقة الاقتصادية الخاصة افتراضية، وستكون جزءاً من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في الرياض، حيث ستعمل المملكة على أن تصبح النسخة السعودية من وادي السيليكون.
وستتيح هذه المنطقة الحاضنة للتقنيات الرقمية الناشئة والمتقدمة الفرص الواعدة لتأسيس المشاريع في مجالات الحوسبة الحسابية.
وفقاً للموقع الرسمي للمناطق الاقتصادية الخاصة، فستقدم هذه المناطق الأربع مزايا وحوافز تنافسية جاذبة؛ ستسهم في ازدهار الأعمال، ومنها: تخفيضات في ضريبة الدخل على الشركات، وإعفاءات من ضريبة الاستقطاع، إضافة إلى رسوم جمركية مؤجلة على البضائع الداخلة إليها.
ومن بين المزايا الأخرى، سيحظى العاملون ومرافقوهم في المناطق الاقتصادية الخاصة بإعفاء من المقابل المالي، كما ستحظى الأعمال من إعفاءات من ضريبة القيمة المضافة بحسب القطاع أو النشاط التجاري، كما ستتوفر لوائح تنظيمية مرنة وداعمة للأعمال بخصوص استقدام العمالة الأجنبية.