
تسترجع الذاكرة بدايات التعليم في منطقة الحدود الشمالية، حين خُطّت أولى صفحاته عام 1361هـ داخل أروقة قصر الملك عبدالعزيز التاريخي في قرية لينة، هناك اجتمع عدد من الطلاب حول الشيخ عبدالله بن دليم -رحمه الله- حاملين ألواحًا خشبية مدهونة بحبرٍ تقليدي مصنوع من سنو الحديد، يتعلمون من خلالها آيات القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة.
وكان ذلك المشهد البسيط المفعم بالإرادة والعزيمة، تجسيدًا حيًا لمرحلة "الكتاتيب"، إذ شكّلت اللبنة الأولى لمسيرة معرفية امتدت وتطورت حتى وصلت إلى ما نشهده اليوم من مؤسسات تعليمية حديثة.
وفي سبعينات القرن الهجري، انتقلت شعلة التعليم إلى مسار جديد على يد المعلمة هناء المغربي -رحمها الله- التي حولت منزلها في مدينة عرعر إلى أول مدرسة للبنات، واستقبلت (35) طالبة ودرّستهن القرآن الكريم، والحساب، والإملاء، والعلوم, وشكّلت مبادرتها النواة الأولى للتعليم النظامي للبنات في المنطقة، وعُيّنت لاحقًا مديرة لأول مدرسة ابتدائية للبنات في عرعر.
واليوم، ومع انطلاقة العام الدراسي الجديد، تستقبل منطقة الحدود الشمالية أكثر من (100) ألف طالب وطالبة في (426) مدرسة يعمل فيها أكثر من (8,500) معلم ومعلمة، واستحداث (11) مدرسة جديدة هذا العام في مختلف المراحل، لتؤكد أن مسيرة التعليم التي بدأت بلوح خشبي وبيت معلمة شغوفة بالعلم، امتدت لتصبح منظومة متكاملة تُعزز صناعة المستقبل في ظل رؤية المملكة 2030.