وصف الباحث في الطقس والمناخ وعضو لجنة تسميات عبد العزيز الحصيني؛ ما يتم تداوله عن الشتاء القارس البرودة والوحش الجليدي القادم إلينا، بأنه كلام مبالغ فيه ولا يستند إلى أدلة علمية.
وقال الحصيني؛ السبت، وعبر حسابه في "تويتر": يسأل البعض عن أنه في ٢٠٢٠م سيتحقق على أرض الواقع شتاء قارس البرودة وسيتجمّد كل شيء، في طريقه الوحش الجليدي بدأ بالزحف نحونا.. شتاء قادم قاسٍ جداً في الطريق إلينا.. هذا الكلام مبالغ فيه ولا يستند إلى أدلة علمية ومخالف للاحتباس الحراري الذي يسهم في تدفئة جو الأرض السطحي".
يُذكر أن بعض الحسابات بمواقع التواصل الاجتماعي تداولت هذه التوقعات خلال الأيام الماضية وبقليل من البحث اتضح أن ما يُسمى الوحش الجليدي يقصد به كتلة جليدية ضخمة، نشرت وكالات أنباء عنها في سبتمبر من عام الماضي 2018 حيث قالت حينها إن الكتلة بدأت في التحرك بعد انفصالها، العام الماضي، عن جليد القارة القطبية الجنوبية «أنتاركتيكا»، وحذر خبراء التغير المناخي من أن إيقاف تلك الكتلة لن يكون أمراً سهلاً، إذ يبلغ وزنها تريليون طن، ويضاهي حجمها 4 أضعاف العاصمة البريطانية، لندن، وتعد الكتلة الجليدية، التي بدأت التحرك والدوران غرب «أنتاركتيكا»، واحدة من أكبر الكتل الجليدية على الإطلاق، وحدث الشرخ العام الماضي، على حافة جرف «لارسن سي» الجليدى في القارة القطبية الجنوبية.
وحينها نقلت صحيفة «مترو» البريطانية، عن البروفيسور مارك براندون؛ من الجامعة المفتوحة، قوله، أمس، إن الجبل الجليدي «لن يتم إيقافه بسهولة»، ووصفه بأنه «وحش جليدي»، وكتب براندون على مدونته على الإنترنت أن الجبل الجليدي A-68، انفصل عن جرف لارسن سى، بعد سنوات من الشقوق المنتشرة عبر الجليد، وظل عالقاً قرب الجرف الجليدي، إلا أنه أصبح يتحرك ناحية المحيط في اتجاه عكس عقارب الساعة.
وأوضح «براندون» أن سبب تحرك الكتلة الجليدية يعود إلى «تأزم الظروف المناخية واضطراب التيارات في المحيطات»، وأضاف: «أظهرت صور الأقمار الصناعية في 29 أغسطس الماضي 2018 أن الكتلة الجليدية الضخمة تتجه نحو الشمال»، مدفوعة بقوة الرياح وبسرعة أكبر مما كانت تتحرك فيه كتل جليدية أخرى انفصلت في الماضي، وتوقع براندون اصطدام الكتلة بأحد الجبال الجليدية الأخرى في طريقها، مرجحاً وقوع بعض التصادمات المثيرة للاهتمام في منطقة الجرف الجليدي في الأشهر القليلة المقبلة.
ويبلغ ارتفاع الجبل الجليدي حوالي 1100 قدم ويطفو على حافة غرب القارة القطبية الجنوبية، وتقدر مساحته بحوالي 6 آلاف كيلومتر مربع. وكان القمر الصناعي الأمريكي «أكوا» قد رصد انفصال الجبل، بينما كان القمر يمر فوق الجرف الجليدي، وتوقع العلماء انفصال الجبل، وتابعوا تطور واتساع الشرخ الجليدي الذي يكسو جرف «لارسن سي» منذ أكثر من 10 سنوات، لكن عمق الشرخ تزايد بشكل سريع منذ عام 2014، مما عزز من إمكانية انفصاله بعد أن بلغ سمكه 200 متر، ومما عزز فرص انفصال الجبل الجليدي أن مجساً للأشعة تحت الحمراء، كان مثبتاً على القمر «أكوا»، رصد وجود مياه صافية وأكثر دفئاً في الشرخ الذى تكون بين الجرف والجبل الجليدي. وقال أدريان لوكمان من جامعة «سوانزي» البريطانية في ويلز، إن «الشرخ أصبح واضحاً مما يدل على أنه تمدد على طول الجبل الجليدي».
وكانت دراسة جديدة شارك فيها 88 عالماً وباحثاً، ونُشرت في مجلة «نيتشر» العلمية، في يوليو 2018 ، حذرت من أن معدل ذوبان الجليد في «أنتاركتيكا» زاد بمقدار 3 أضعاف عما كان عليه في الماضي، في مؤشر ينذر بالمخاطر على المناخ، وقالت الدراسة إن حوالى 3 تريليونات طن من الجليد اختفت منذ 1992، وإنه في الـ25 عاما الأخيرة ذابت الصفيحة الجليدية فوق القارة الجنوبية، بمياه تكفى لإغراق ولاية تكساس بارتفاع 4 أمتار، وهو ما أدى إلى ارتفاع مستويات مياه المحيطات بحوالي 7.6 ملليمتر، وأوضحت الدراسة أنه خلال الفترة من 1992 إلى 2011، كانت القارة القطبية الجنوبية تفقد 84 مليار طن من الجليد سنوياً، ومن عام 2012 إلى 2017 ارتفع معدل الذوبان أكثر من 241 مليار طن سنوياً.