عندما يرغب أحد رجال الأعمال في الاستثمار في أي دولة كانت، فمن الطبيعي أن يدرس الوضع الاقتصادي لهذه الدولة.. وهل هي في حالة صعود أم هبوط؟ وهل هناك مخاوف تؤثر في رأس ماله؟ وغيرها من مخاطر واضحة أو منظورة في المستقبل القريب.
ومن المهم جدًّا قراءة الأحداث الحالية، وتطبيقها على المستقبل ـ وكل شيء بأمر الله ـ ولكنّ هناك تسلسلاً للأحداث، لا يمكن تجاوزه.
الاستثمار في تركيا يمرّ بمرحلة حرجة، ونزول كبير للعملة التركية مقابل الدولار؛ إذ وصل الدولار الواحد لما يقارب تسع ليرات، ومن المتوقع أن يصل إلى 12 ليرة خلال الشهرين المقبلين؛ لذا دعونا نتصور قيام بعض المستثمرين سابقًا بضخ أموال في مصانع أو شركات تركية.. ما هو وضعهم حاليًا؟ خاصة مع المقاطعة الشعبية محليّا وفي بعض الدول العربية، أو بعض الدول التي رفعت نسبة الجمارك على البضائع التركية لما یقارب 100 ٪. بالتأكيد تعرّضوا لخسائر كبيرة ـ ونحـن ما زلنا في البداية ـ فما بالك بعد ستة أشهر أو عام، كيف سيصبح الوضع؟
كذلك مَن قام بالاستثمار العقاري سابقًا، سواء بأراضٍ، أو عقارات تجارية أو خاصة. لن أتحدث عن الاحتيال والتلاعب؛ لأن القصة ستطول، ولكن حديثي عن القيمة السوقية لعقاراتهم بعد نزول العملة التركية بحكم أن الكثير عندما اشترى كانت الليرة تعادل ما یقارب ريالَين سعوديّين، أما حاليًا فقد انعكست المسألة، وأصبح الريال يوازي ما يقارب ليرتَين، بمعنى أن من يريد أن يخسر كل عام ربع رأس ماله فليستثمر في تركيا.
حدثني صديق عمل هناك لفترة عن جزء من أبرز العقبات التي تواجه المستثمر في تركيا، مثل: الترويج من قِبل شركات غير مرخصة ووهمية، وقائمة على أشخاص أتراك وعرب، تستهدف السوق السعودي بشكل حصري من خلال الإنترنت (مثل تجارة الفوركس العملات)، ثم تعقيدات في الحصول على سند الملكية (التابو)، واستحالة الحصول عليه في بعض الأحيان، مع وجود عقود ضعيفة ومبهمة، وعدم وجود محامين مهنيين، واستغلال من جميع الأطراف من البداية، وصولاً إلى شركات الصيانة التي تأخذ أجورًا شهرية.
باختصار.. البيئة الاستثمارية في تركيا خصبة للتلاعب، والحكومة تعلم، ولم يتم اتخاذ أي إجراء. والعاقل خصيم نفسه.