"بن معمر": بعض القادة يستغلون الدين والسياسة لإطلاق خطابات تحض على الكراهية

قال: لا سبيل لإجراء أي حوار إلا إذا تم احترام التنوع وقبول التعددية
"بن معمر": بعض القادة يستغلون الدين والسياسة لإطلاق خطابات تحض على الكراهية
تم النشر في

أكّد الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، أهمية لقاء القاهرة العربي الأول حول فرص وتحديات العيش المشترك، وأهمية العمل المشترك من أجل ترسيخ العيش المشترك واحترام التنوع وقبول التعددية تحت مظلة المواطنة المشتركة.

جاء ذلك خلال مشاركته في إلقاء الكلمة في افتتاح اللقاء الدولي "حوار العرب والأوروبيين التعايش السلمي.. الفرص والتحديات: كيف يمكن للأشخاص من مختلف الديانات العيش بسلام معًا؟"، الذي أقامته المنظمة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية بالتعاون مع شبكة “Oikosnet Europe” ومؤسسة "Sigtuna" في القاهرة.

وأكد "بن معمر" على أن خطاب الكراهية لا يمكن حصره في دين أو معتقد أو مجتمع واحد؛ سواء كان مجتمعًا متقدمًا أم ناميًا؛ خصوصاً بعدما تبارى بعض القيادات الدينية والساسة في استغلال الدين والسياسة لإطلاق خطابات عنصرية ومتطرفة تحض على الكراهية؛ داعيًا إلى مواجهة رشيدة لهذا الخطاب بشجاعة وبتخطيط وتنسيق وتعارف وتعاون وحوار مستمر وتطبيق للنتائج؛ لاعتبارات كثيرة أدناها تعايشنا في مجتمعات تتطور يوميًا وتواجه قضايا شائكة ومعقَّده تنذر بالخطر تجاه التعايش والأمن والسلام بين الجميع.

وشدّد "بن معمر" على أن هذا اللقاء يشكّل فرصة مهمة؛ لمساندة برامج التعايش وبناء السلام وتجسير التواصل بما ينسجم مع رؤية مركز الحوار العالمي، التي تؤمن بفعالية الحوار، لافتًا إلى أن الحوار والتفاهم هما الميدان المناسب لبناء جسور من المعرفة والثقة بين أتباع الأديان والثقافات من خلال برنامج واسع لتفعيل دور الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية لمساندة صانعي السياسات وخصوصاً في المنظمات الدولية.

وهدف اللقاء الدولي إلى تبادل الآراء والتجارب بين العرب الأوروبيين؛ لتفعيل التعاون والعمل المشترك حول القضايا التي تشكل تهديدًا حقيقيًا وملموسًا للنسيج والتماسك الاجتماعي في مناطق متعددة من العالم.

وأجاب عن تساؤل عنوان كلمته في الجلسة الافتتاحية: كيف يمكن للناس من مختلف الأديان العيش معًا بسلام؟ بكلمة واحدة، وهي: الحوار بوصفه استعدادًا فطريًا للتواصل والاستماع بالرغم من الاختلافات، لافتًا لولا هذا الحوار وهذا الاختلاف؛ لاختل توازن العالم ونظامه؛ لقدرتهما على فتح مسارات ملموسة لتجسير سبل السلام وتأسيس المشاريع المشتركة لمعالجة أشد التحديات استعصاءً على العالم.

وأكد على أن توافر كثير من الفرص والتحديات والتي أصبح مركز الحوار العالمي في فيينا أحد أهم المؤسسات بما له من خبرة في مجال الحوار بين الشرق والغرب.

وشدد "بن معمر" على أنه لا سبيل لإجراء أي حوار إلا إذا تم احترام التنوع وقبول التعددية وصيانة المواطنة المشتركة؛ وتصحيح النظرة نحو الاختلافات الدينية، بوصفها جزءًا لا يتجزَّأ من حياتنا على هذه الأرض، ومن ثم التفكير في كيفية التعايش معها، والتكيُّف مع مقتضياتها ومتطلباتها بما يحقق التعارف الذي أمرنا به خالقنا؛ لفهم الآخر المختلف دينيًا وثقافيًا، والتعرف عليه، والتواصل والعيش معه بسلام وطمأنينة؛ لكيلا يتحوّل هذا الحوار وتلك الاختلافات إلى وبال على حياة البشر واستقرارهم، بل واستمرارهم.

وقال: نحن في مركز الحوار العالمي الذي تم تأسيسه بمبادرة من المملكة العربية السعودية وبمشاركة جمهورية النمسا ومملكة أسبانيا والفاتيكان كعضو مراقب، ومجلس إدارته المكون من المسلمين والمسحيين واليهود والبوذيين والهندوس، ومجلسه الاستشاري الذي يبلغ عدد أعضائه حوالي خمسين عضواً من حوالي 11 ديانة ومعتقدًا، مختصون ومهتمون ببناء جسور الحوار وتعزيزها في جميع أنحاء المعمورة لتقريب المسافات وإزالة جدران الخوف والحواجز النفسية؛ لأننا نؤمن أن الدين جزءٌ من الحلِّ وليس أساسَ المشكلة، خاصةً وأن (%84) من البشر لديهم انتماء ديني، جنبًا إلى جنب مع تفعيل دور الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية لمساندة صانعي السياسات في بناء السلام والتعايش تحت مظلة المواطنة المشتركة؛ سدًّا للفجوة بينهم خاصة في المنظمات الدولية؛ وإيجادًا لحلول ناجعة، ومستدامة؛ وتحقيق نتائج إيجابية، مشيرًا إلى تطبيق المركز لأنشطة تعزز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات من أجل السَّلام وترسيخ الحوار والتعايش في خمس مناطق عالمية مختلفة: أوروبا والمنطقة العربية؛ وجمهورية أفريقيا الوسطى؛ ونيجيريا؛ وميانمار.

وزاد بن معمر أن للتنوع قيمةً، والإقرار بأن لكل جماعة من هذه الجماعات دورًا في إثراء مجتمعاتها، داعيًا النظر إلى التنوع الديني على أنه مصدر قوة وإثراء للمجتمعات وليس مشكلة. وعلى هذا الأساس، ذكّر أننا أسرة بشرية واحدة، ينبغي عليها، التمتع بحقوق المواطنة المشتركة، مؤكدًا على نقطتين مهمين، يمكن أن تسهما في تعزيز التعايش السلمي في المجتمعات المتنوعة: التنظيم والترابط الداخلي بين المجتمعات عاملان مهمان؛ ووجوب أن يأتي التغيير من داخل المجتمع؛ لأنه لا يمكن فرضه فرضًا على أحد.

واستعرض الأمين العام لمركز الحوار العالمي جهود المركز ونجاحاته في إدارة الحوارات مع المجموعات الدينية في جمهورية أفريقيا الوسطى والمساهمة في إجراء المصالحات الوطنية بالحوار المتميز والمهارة والمعرفة وشبكة العلاقات المجتمعية، مشيرًا إلى تواصل العمل من الحوارات والمبادرات وبرامج التدريب المتنوعة- لتنظيم العلاقات الداخلية بين هذه الجماعات الوطنية وتعزيز الحوار بينها ورفع قدرات مؤسساتها المشرفة على منصات الحوار المحلية.

وانتقل بن معمر بحديثه عن المنطقة الأوروبية، التي تتزايد فيها ظاهرة كراهية الإسلام ومعاداة السامية، ودعم المركز لإطلاق المجلس الإسلامي اليهودي، الذي تعمل من خلاله القيادات الدينية من كلا الطرفين، وينتمون لــ(18) دولة يدًا بيد من أجل حل القضايا المشتركة، وتعزيز المواطنة المشتركة، مشيرًا إلى إطلاقه برنامج اللاجئين في أوروبا للاندماج في نسيج المجتمعات المستضيفة من أجل حماية التنوع الديني وتعزيز التماسك الاجتماعي وتعزيز جهود السلام والتعايش المشترك، وترتكز أعمال هذا البرنامج على ركيزتين أساسيتين، هما: التكامل من خلال الحوار؛ وتنسيق العمل لمكافحة خطاب الكراهية والاستقطاب.

وأشار الأمين العام إلى المبادرة الرائدة: (مـتـحـدون لمـناهـضة الـعنف باسـم الـدين)، التي أطلقها مركز الحوار العالمي في فيينا عام 2014م، بعد عقد اجتماع تاريخي جمع القيادات الدينية من المسلمين والمسيحيين وغيرهم من جميع أنحاء العالم العربي؛ الذين شجبوا جميعًا وبصوت واحد العنف المرتكب باسم الدين، وعزموا على العمل يدًا بيد في سبيل مواجهته.

ولفت إلى تنفيذ المركز لبرنامجه العلمي والتطبيقي للحوار العالمي منذ عام 2015م: (الزمالة) الذي سنحتفل خلال شهر ديسمبر بتخريج ٢٧٦ زميلاً وزميلة من ٥٩ دولة ومن ٩ ديانات ومعتقدات متنوعة، الساعي إلى نقل صورة ذهنية متجددة وحديثة عن فاعلية ثقافة الحوار والتعايش وبناء السلام بشكل علمي ومعرفي رصين، من خلال مسارات مختلفة؛ لبناء وتعزيز شخصية المشارك وفق أحدث المعايير المتبعة والتقنيات الحديثة من دورات تأهيلية ومحاضرات نظرية وتطبيقات عملية؛ لتنمية قدراتهم في مجالات الحوار والتواصل، والتفكير البنّاء، وتكوين المبادرات، وزيادة فاعلية المجتمعات والأفراد لمكافحة التطرف والإرهاب، وإشاعة السلام، حيث تم تأسيس منصة الحوار والتعاون بين المسلمين والمسحيين في العالم العربي، وانطلقت برامجها منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وأردف "بن معمر": عالمنا اليوم بحاجة، ماسّة ومُلِّحَة إلى أن يسود فيه التعايش السِّلمي ويعيش الجميع في سلام بعيدًا عن النزاعات والحروب وترسيخ العيش المشترك والمواطنة المشتركة، ومكافحة الكراهية والتطرف.

وشدد على أن العيش في سلام يسبقه الحوار، الذي يقتضي، ويفرض أن يكون هناك قبولٌ واحترام للآخر واستعداد تام للتواصل معه ومن ثم التحاور معه دون شروط أو إملاءات؛ فلا يشترط طرفٌ منهما أنه أكبر حجمًا ووزنًا، وأفضلية من الآخر، داعيًا إلى اكتشاف القيمة الفعلية للتنوع، والعمل معًا، من مختلف المجتمعات الدينية، ومع صانعي السياسات، في سبيل تحقيق التعايش السلمي في المنطقة العربية وأوروبا والعالم أجمع.

وفي ختام كلمته وجه الشكر والتقدير للمنظمة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية المنظمة لهذا اللقاء، مقدماً الشكر والتقدير لجميع الأصدقاء والشركاء في مصر العزيزة بقيادتها وشعبها الكريم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org