
أكد المشرف على جناح الخط العربي والتصوير الضوئي بسوق عكاظ، فهد بن رجاء الله الذويبي، أن ديار ومنازل حليمة السعدية تقع جنوب الطائف وليس شمالها.
جاء ذلك في رده على ما أثاره مدير مركز تاريخ مكة المكرمة التابع لدارة الملك عبد العزيز الدكتور فواز الدهاس، أخيرًا، والذي قال إن منازل حليمة السعدية مرضعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- تقع شمال الطائف جهة أوطاس وليس جنوبها.
وأضاف "الذويبي" في تصريح لـ "سبق" أن من الواضحات اليوم وجود أهل النسب في المكان كبني سعد بن بكر وبنو ذؤيب أهل حليمة بنت أبي ذؤيب وهي ثماني وأربعين قبيلة منتسبة الشيوخ والرجال والنساء والديار والجبال والوثائق إلى سعد بن بكر بقراهم وقلاعهم الموغلة في القدم وأعدادهم الجاهلية والنقوش الصخرية وكل ما هو ملموس وحاضر معاش ومسجد حليمة، الذي بناه أهلها تيمنًا بها بعد وفاتها إبان وصول الإسلام إليهم وتواتر خبره لدى سياح العرب والعجم دون مكان غيره، وهو ما ترويه الكثرة عن الكثرة ممن يستحيل تواطؤهم على الكذب، فهذا يدل دلالة واضحة على الوجود وهو قرينة الإثبات الواضحة. فالقراءة السطحية للتاريخ والسيرة توقع صاحبها في مثل هذه المزالق، فالباحث يجب أن يحقق في كل النصوص ويستزيد من المصادر حتى يصل إلى الحقيقة.
ودعّم "الذويبي" تفاصيل رده على شكل نقاط، جاءت على النحو الآتي: أولها قوله ما ورد في قول الفاسي والبكري وغيرهم في ذكر "ديار بني سعد في السراة سراة بني سياه أي سراة بني شبابة وهم بنو سعد بن بكر".
وأضاف: إن الواقع في المنطقة التي ذكرت فيها بنو سعد لا يخدمنا، فلا أثر معمور ولا بقايا قبور ولا بقايا من أهل النسب أو ما يشير إلى وجودهم، ولا ما يعضد ذلك. وإن هذه الديار هي مناطق رعي لكل قبائل الحجاز وتنزلها القبائل كلها وقت الخصب والدليل قول البكري فيما نصه (ومنازل هذيل بن مدركة - عرنة – وعرفة - وبطن نعمان - ورحيل - وكبكب (ونخلة _ والبوباة _ وأوطاس) فهل هي لهذيل أم لبني سعد بعد هذا النص الواضح؟.
وتابع: ورد قول دريد بن الصمة الجشمي وهو يرد على مالك بن عوف النصري قائد هوازن عندما جلب النساء والأطفال والأموال خلف الجيش يوم حنين ورد عليه قائلاً (ارفع أهلك إلى عليائهم فإن كانت لك لحقك من خلفك. وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك، فأين علياؤهم إذًا؟.. وهذا النقاش حدث في أوطاس، والسؤال هنا من أين جلبهم إذا كانوا في أوطاس أصلاً. "سيرة ابن هشام وابن حزم والكامل في التاريخ وعيون الأثر".
وزاد " الذويبي" : القارئ لتفاصيل معركة أوطاس المعركة التي استشهد فيها أبو عامر الأشعري وقاتله من بني جشم أهل أوطاس والقتلى كلهم من بني جشم ومنهم دريد بن الصِمة نفسه والأسرى كلهم من بني جشم، فأين بني سعد ما دامت هذه ديارهم؟ وما الذي أتى ببني جشم بن معاوية إلى أوطاس؟ وهذه قرينة تؤكد أن هذه الأرض مرعى لكل قبائل العرب. (كتاب المغازي للواقدي وسيرة ابن هشام وابن حزم والكامل في التاريخ ) من كل ما تقدم نجد أن كل القبائل الحجازية ذُكرت في هذه الديار وليست خاصة لبني سعد وحدهم وليست ديار أهل حليمة أصلاً، وهذا يحتم علينا من كل هذا السرد التاريخي الذي أوردته أنها منطقة رعي لكل قبائل الحجاز وأن بنو سعد الذين ذكروا ينزلونها هم (بنو غويث) بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر وهؤلاء ليسوا الفرع الذي تنتسب له حليمة.
وتابع: ما ذكره (البكري في كتابه معجم ما استعجم) في وصف القتال الذي وقع بين خُنْدُف (وقيس عيلان) في الجاهلية قائلاً ( فنزلت هوازن بن منصور بن عكرمة بن قيس عيلان ما بين غور تهامة إلى ما وإلى بيشة وبركا (وناحية السراة والطائف) إذًا يقول السراة، وتكررت عبارة السراة جنوب الطائف وبنو سعد من قيس بن عيلان المقصودة في كلام (البكري) وهذا النزول حدث في الجاهلية.
وأضاف: هذا مصدرٌ آخر - وهو نص لغدة (المتوفى سنة 310 هـ) على أن نخلة من ديار هذيل وذكرها بعض البلدانيين أنها من ديار بني سعد بن فزارة - وذكر البيهقي أنها من ديار كنانة.. فهي لمن اذًا ؟.
وتابع: هذا نص شعري وهو قول أبي وجزة السعدي الذي وقف على أطلال ليس بها ونيس من قومه فقد رحلوا إلى عليائهم يقول:
يَا صَاحِبَيّ انظرا هل تَأنِسَانِ لنا
بين العقيقِ وأوطاسٍ بأحداجِ
فأين ذهبوا؟ حتى يبكي هذا الشاعر على أطلالهم، من هذا تتأكد صحة فهمي للمصادر بأنها ليست أصل ديارهم بل ديار رعي تنزلها كل قبائل العرب ومنهم فروع من بني سعد وهم (بنو غويث) كما ثبت في المصادر.
كذلك القول:
رَحَلَتْ بَنُو سَعْدٍ إلى عَلْيَائِهَا
وَسَفَتْ عَلَى آَثَارِهَا بَطْحَاءُ
لَمْ يَبْقَ مِنْ ذِكْرَاهُمُ إلاّ الذي
وَقَفَتْ عَلى أَطْلالِهِ الشُعَرَاءُ
والشعر كما قيل ديوان العرب.
وقال "الذويبي": نستنبط من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم للشيماء (أين أهلك)؟ قالت: بذنب أوطاس ولم تقل بأوطاس فقط - أو تقل ببطن أوطاس، إنما قالت بذنب أوطاس.. السؤال هنا أين ذنب أوطاس هذا ؟.. فلو أن أهلها في أوطاس.. لماذا لم يقعوا في الأسر مع ابنتهم؟، قد يقول قائل: وكيف وقعت الشيماء - الجواب لأن الشيماء جُلبت مع زوجها شأن كل هوازن كما نعرف جميعًا.. ويفيدنا هذا بأنها ليست ديار أهل حليمة.. وقد أفادت الشيماء بذلك؟
والمعروف أن ذنب الوادي هو منبعه من الجبال، وأوطاس ينبع من السراة جنوب الطائف ومنبعه هو وادي يسمى اليوم وادي الحمضة أحد أودية الذويبات بالقرب من قرية الشوحطة ذاتها إحدى قرى الذويبات أهل حليمة السعدية حيث أشارت الشيماء.
وختم بقوله: "إن نسب حليمة السعدية يرجع إلى بني (جابر بن رزام بن ناصرة بن قصية بن نصر بن سعد بن بكر) بينما الشق الذي ينزل أوطاسًا والنخلتين ووادي قرن من بني سعد مع بقية قبائل الحجاز هم بنو (غويث بن ناصر بن قصية بن نصر بن سعد بن بكر) وهم سكانها وسراة بني غويث بن سعد هي جبل عروان وقد ذكر ذلك (الهمداني) أن بني غويث بن سعد بن بكر، هم أهل تلك الديار عندما ذكر أن من أجلوا هذيلا عن شقهم في جبل عروان (جبل الهدا) هم بني غويث بن سعد بن بكر وذلك في عهد سلطان مكة (عج بن حاج) أي قبل 1230 عامًا وهم سكانها من الجاهلية كما ذكر (الهمداني) في المجلد الثالث من كتابه، فهؤلاء فرع من بني سعد وعندما يكتب البلدانيون عن وجود بني سعد بن بكر في هذه المنطقة فهم يعنون فرع بني غويث ولا غيرهم، فلا يعني وجود قوم من بني سعد هناك، أن المعني بهم هم أهل حليمة ولا يجوز لنا أن نقطع بأنها كل بطون بني سعد، لأن المصادر ضد ما نقول فبنو سعد أكبر قبائل هوازن من الجاهلية إلى اليوم.
وكان مدير مركز تاريخ مكة المكرمة التابع لدارة الملك عبد العزيز، الدكتور فواز الدهاس، قد صرّح لـ "سبق" على غرار توجيه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد؛ فرعها بالطائف بإعادة بناء مسجد حليمة السعدية في منطقة بني سعد التابعة لمحافظة ميسان، وما تناقلته وسائل الإعلام بأن ذلك التوجيه جاء بمثابة دحض لكل محاولات التضليل التي روّج لها فرعا المساجد والسياحة قبل سنوات -وفق زعمهم- أكد مدير مركز تاريخ مكة المكرمة التابع لدارة الملك عبد العزيز، أن المسجد المنسوب إلى حليمة السعدية والمشار إليه في محافظة ميسان غير صحيح، مشيرًا إلى أن منازل بني سعد تقع شمال الطائف جهة "أوطاس" قرب منطقة عشيرة، وليس كما يروج له أنها جنوب الطائف.