اختلفت الآراء حول ما إذا كان ارتداء المرأة للعباءة عادة أم نوع من العبادة المفروضة، فمنهم من رأى أن الشرع لم يلزم النساء سوى بملابس فضفاضة لا تظهر مفاتن الجسم وليس بشرط كونها عباءة سوداء، فيما رأت الجهة الأخرى أن العباءة هي الزي الشرعي المتفق عليه، وما جاء في تصريحات الشيخ المطلق كان لعموم النساء من دول أخرى؛ وأنه من الأفضل لهن ارتداء ثياب فضفاضة أفضل من البنطال والثياب القصيرة، نافين أن يكون الشيخ المطلق يفتح بابًا لخلع العباءة.
بين هؤلاء وهؤلاء، تطرح "سبق" وجهات النظر المتباينة بعد أن فتحت فتوى الشيخ المطلق نافذة للحوار من جديد؛ حيث يقول رئيس وحدة التوعية الفكرية بجامعة أم القرى، الدكتور محمد السعيدي لـ"سبق": ينبغي أن ننظر إلى تاريخ الزي العربي منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يومنا الحاضر، حيث كانت ترتدي المرأة فوق الثياب ما تلبسه ليغطي تفاصيل جسدها.
وأضاف: ومن ناحية البلاد الإسلامية، نساء المسلمات في شتى أنحاء العالم يأتين إلى الحج والعمرة ويلبسن فوق ملابسهن أغطية فوق الثياب .. وردًا على ما ذكره الدكتور المطلق عن إمكانية الاكتفاء بالثياب إذا كانت فضفاضة، رأى "السعيدي" أنه نادر ويعد من الأزياء الحديثة غير المعروفة في تاريخنا الإسلامي، مبينًا أن النساء في صلاتها لا يكتفين بالثوب بل يرتدين فوقه "عباءة - رداءً وملفعة" أيًا كان اسمها، وهذا يؤكد أنه لا ينبغي أن تكتفي المرأة بالثوب فمن النادر. أن نجد ثوبًا لا يظهر تفاصيل الجسم.
وتابع قائلاً: كثير ممن عمم كلام الشيخ المطلق، حيث كان موجهًا لعموم المسلمات اللاتي لم يتعودن على لبس العباءة، فلا مانع من ارتدائها ثياب واسعة وخير لهن من البنطال والثياب القصيرة، وتساءل ما الهدف من تأويل حديث الشيخ المطلق في الوقت الحالي؟ لافتًا إلى أنه ليس بالبريء.
وردًا على تساؤل حول العباءة عادة أم عبادة، أجاب قائلاً: العباءة أمر شرعي ينبغي المحافظة عليه وكان هناك لباس شرعي في عهد الرسول وأقره عليه الصلاة والسلام، مستدلاً بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها عندما أخبرت عن كون نساء الأنصار متلفعات بمروطهن كأن على رؤسهن الغربان.
من جانب آخر، رأى الشيخ عصام العويد أن العباءة تعد زيًا شرعيًا، وبسؤاله عن مواصفات الزي الشرعي، أجاب فضفاض لا يُظهر أي من مفاتن النساء سوى الكفين، ولقد أذن للقواعد من النساء أي ما فوق الستين أن تكشف وجهها، وأن يستعففن خير لهن، فما بالك بعموم النساء، لافتًا إلى أن اللجنة الدائمة أفتت بأن الزي الشرعي للمرأة هو الذي لا يُظهر منها شيء وما دون ذلك فهو حرام.
ورأت الكاتبة في جريدة المدينة نبيلة محجوب أن رأي الشيخ المطلق يتفق مع سياسة الدولة في القضاء على الفكر المتطرف الذي أدخل الأمور الحياتية في نطاق ديني، بل وألزم بها المجتمع خصوصًا المرأة باعتبارها الطرف الأضعف.
وتابعت: بعض المفسدين والمتطرفين رسخوا لفكرة أن المرأة هي سبب الفتن والشرور لزيادة اضعافها وتهميشها، حتى ضحكوا على المرأة من منظور ديني حتى تستجيب لكل الأفكار، واستجابت المرأة بسبب عاطفتها الدينية.
وبسؤالها حول ما إذا كانت العباءة عادة أم عبادة، قالت نبيلة محجوب: جدتي كانت ترتدي الجامة باللون الأبيض، ومن قبل الجنعة التركي، وبعدها جاءت العباءة وفرضت وأصبحت الغطاء الشرعي حتى إنها مثلت الزي الوطني.
وحسب رأي نبيلة محجوب، أن الشيخ المطلق فتح نافذة جديدة في وعي المجتمع، للفصل بين العادة والعبادة، وتساءلت: ٩٠ % من المسلمات لا يرتدين العباءة، هل هذا يعني أنهن غير ملتزمات؟ بالطبع ليس بالضرورة، مضيفة أن القرآن الكريم الشريف لم يلزم المرأة بارتداء العباءة، بل نحن من أجبرنا أنفسنا.
وأعربت عن أسفها في كثير من الأمور التي تم تدجين المجتمع فيها، حتى صرنا نلجأ للفتوى في أبسط أمور حياتنا، حيث لا يستطيع أن يفكر ولا يعقل الحلال والحرام، مؤكدة أنه آن الأوان لإعادة النظر فيما أدخل في دين الله وهو ليس بالدين من شيء، لكي يتنفس الفرد بعضًا من الحرية بضوابطها الشرعية.
وبسؤالها عن الزي الشرعي، قالت: من وجهة نظري؛ التدين ليس له زي ولكل فرد أن ينتقي ما يواكب بيئته معتمدًا على المفاهيم الشرعية للزي الشرعي، وأردفت: كثيرٌ من نساء السعودية يعانين هشاشة العظام وتمنع العباءة وصول الشمس لأجسادهن، وهناك الكثير من النساء على الرغم من مرضها وكبر سنها أصبحت العباءة بالنسبة لها عادة لا تستطيع التخلص منها، بل قد تعوق حركتهن وتعرقلها بالمشي، بيد أنه ارتبط في أذهانهن أن نزع العباءة معناه التخلي عن الدين.
وأنهت حديثها قائلة: حتى وإن تخلى الشيخ المطلق عن رأيه، فإنه أوضح جزءًا مهمًا للمرأة وعليها ألا تهمله، وهو أن تفكر في كل ما يعرض عليها من فتاوى وان تتخلى عن العادات التي تعرقل حركتها طالما لم تغضب الله سبحانه وتعالى.
ومن ناحية أخرى، قال المواطن محمد الماجد لـ" سبق" الشيخ المطلق لم يدع للتبرج والعري كما قال الكثير، ويكفي عن العباءة الثوب الفضفاض، فالأمر فيه سعة والدين فيه سعة، وفي رأيي أن العباءة زي نجدي قديم لا يلزم أن تلتزم به جميع النساء، لافتًا إلى أن هناك كثيرًا من السعوديات يخلعونه عند السفر لأي دولة عربية، فهل هذا يعني أنهن تخلين عن دينهن.
وقالت أم عبدالله ربة منزل: تعودنا منذ صغرنا على أن العباءة ترتدي خوفًا من الله وستر ومحافظة على المرأة، فهي ليست بالأمر الذي يخضع للذوق العام وهوى الفرد، بل شريعة مفروضة علينا.
وردت ميساء السعيد قائلة: الشرع حث على الستر ونبذ التبرج من غير تحديد لزي محدد، ولكن ما الفرق بين المؤمنة التقية والمسلمة المتبرجة ؟ وتابعت: أعتقد أن العباءة تميز المرأة وهي رمز العفة واحترام النفس.
أما مها الحرفي فرأت أن العباءة تراث ثقافي وليست مطلبًا شرعيًا، والاحتشام هو المطلب الحقيقي سواء بالعباءة أو من غيرها، مشيرة إلى أن ارتداء العباءة يعد فضيلة معنوية وأحد أنواع الستر التي أمر الله تعالى بها، بيد أنه لا ينبغي أن نفرضها أو نعرفها بالزي الرسمي للتدين.