الإرادة دومًا هي حجر الأساس للنجاح والتقدم والتطور في أي مجال، وعلى كل المستويات؛ فالإرادة تعني التصميم على أداء العمل، والمُضي نحو الهدف، وتسخير الوسائل كافة لتحقيق النجاح.. وهي أيضًا اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح، وتنفيذه بالشكل الصحيح.
الدرعية برمزيتها التاريخية والوطنية احتضنت أهم حدث رياضي تاريخي. وأنا هنا عندما أتحدث عن سباق الفورمولا فلن أعني الجانب الرياضي فقط، بل هناك أبعاد أكثر، ومعانٍ أعلى، ونقطة تحوُّل مختلفة على الأصعدة الرياضية والثقافية والاجتماعية كافة. ومن هنا أقول ما أقوله منذ سنوات، وفي مقالات عدة، وفي كل لقاء تلفزيوني.. أكرر الحديث ذاته بأن الرياضة ليست لعبًا ولهوًا، بل هي صناعة وتاريخ وحضارة وثقافة واقتصاد وصحة.. أُهملت سنوات، واليوم بدأت تعود بالشكل الذي تستحقه.
ما حدث في الدرعية هو بداية تأصيل المعنى الحقيقي لصناعة الرياضة، وأن كرة القدم ليست الوحيدة الجاذبة للمجتمع؛ فسباقات السيارات ليست هواية يمارسها المجتمع بشكل كبير، ولم يكن لدينا سباقات من هذا النوع، وليست تلك الرياضة التي يستطيع الغالبية ممارستها، ولكننا من خلال الدرعية استطعنا أن نجذب أكثر من 50 ألف شخص، وهذا يتعدى حجم الحضور الجماهيري لمباراة الديربي الأخيرة بين الهلال والنصر.
كما أننا حوَّلنا هذا الحدث ليكون جاذبًا للسياح؛ فأصبح وجهة سياحية، وحققنا أن الرياضة هي أيضًا سياحة، كما أن الدرعية كانت محفلاً ثقافيًّا من خلال هذا السباق؛ فاستطعنا أن نستثمر هذا الحدث لنقدم أعمالاً ثقافية مختلفة وجاذبة.. أضف إلى ذلك أننا رسخنا وقدمنا حضارتنا التاريخية من خلال الدرعية التي أُقيم فيها الحدث؛ فكل زائر لهذه المحافظة سيعلم ماذا تعني الدرعية وتاريخها.. فنحن هنا قدمنا الحضارة والتاريخ في حدث واحد، شاهده 80 مليونًا عبر العالم. كما أننا قدمنا نموذجًا ناجحًا لمعنى الاستثمار والاقتصاد الرياضي؛ فهذه البطولة لم يكن الحضور لها مجانيًّا، بل إن أكثر من 40 ألف تذكرة تم بيعها؛ وهو ما يعني أن هناك إيرادات تُقدر بأكثر من 16 مليون ريال لهذا الحدث، وهذا تأكيد على أنها تنافس وبقوة اقتصاديات كرة القدم.
ما ذكرتُه آنفًا يمثل جزءًا من مخرجات عمل رياضي واحد، استمر ثلاثة أيام فقط، فكيف لو أصبح لدينا عشرات الأعمال، تُقدَّم بالطريقة ذاتها.
عندما بدأت حديثي عن الإرادة فأنا هنا أعني ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي ترجم لنا قولاً وعملاً ثقافة وفكرًا معنى الإرادة ومنهجها واحترافية تنفيذها من خلال برامج التحول وأهداف الرؤية التي لم يمضِ عليها عام حتى شاهدناها تُنفَّذ على أرض الواقع، وقدم لنا درسًا في طريقة الإيمان والثقة بما يملكه الوطن وشبابه وشاباته من إمكانيات وقدرة على بناء المستقبل.. فالشعوب والأوطان تنهض وتتطور وتنعم بخيراتها وقدراتها بعزيمة قادتها وإرادتهم على تحقيق النجاح.