
يبدأ مزارعو منطقة نجران، مطلع شهر فبراير من كل عام، موسم تلقيح أشجار النخيل من نوع البياض والمواكيل والبرني والرطب، استمرارًا لحفاظهم على جودة ثمار النخيل؛ لما تمثله من قيمة غذائية وموروث أصيل.
وتُعرف مرحلة استعداد أشجار النخيل للتلقيح مع بدء طلع النخيل أو "الجعاب" بالتفتح مع اكتمال نموه وانشقاق غلافه؛ حيث يتم نقل حبوب اللقاح إلى طلع النخلة بواسطة "النخال"، وهو المزارع المعنيّ بتلقيح النخل والعناية به.
وأوضح مدير عام البستنة بمنطقة نجران المهندس سالم محسن بالحارث، أن المركز درس مجموعة من الأصناف تحت ظروف منطقة نجران المناخية الناجحة في مناطق زراعة النخيل بالمملكة، ومنها الخلاص والبرحي والسكري ونبتة راشد والشيشي والغر ودقلة نور وربيعة، إضافة إلى العجوة وعنبرة، أما بالنسبة لأصناف نخيل نجران المحلية؛ فهي أصناف مميزة من حيث جودة وحجم وكمية الإنتاج، وتحملها للتخزين لمدة طويلة دون أن تتأثر، ومن هذه الأصناف البياض والمواكيل والعلوق والحمر ورطب نجران الذي يُعمل منه المكبوس.
وعن مواعيد زراعة النخيل، قال "بالحارث": "هناك عروتان، وهي العروة الربيعية في مارس والخريفية في أكتوبر، وتتم عمليات التلقيح من بداية فبراير حتى بداية مارس، ويتم الحصاد من بداية يوليو حتى نهاية سبتمبر".
وبالنسبة لدور المركز في المحافظة على الأصناف النادرة والعناية بنخيل المنطقة بوجه عام؛ أوضح أن المركز يُجري مسحًا ميدانيًّا ومراقبة للأسواق لانتخاب الأصناف المميزة وأماكن تواجدها، وقد تم إكثارها عن طريق النورات الزهرية، والعمل جارٍ على تجريب صنفين مميزين تم إكثارهما عن طريق النورات الزهرية، والعمل على نشرها بعد التأكد من نجاحها ومطابقتها للأم، وإرشاد المزارعين للعمليات والتقنيات الحديثة التي تضمن جودة المنتج وحماية النخيل من الإصابات الحشرية.
بدوره أوضح المزارع والباحث الزراعي إبراهيم حسن آل شهي، أن المزارعين في منطقة نجران يحرصون على انتقاء أفضل أنواع اللقاح لنخيلهم من نوع البياض والمواكيل والبرني والرطب، ويفضلون أن يتم تلقيح كل نوع من ذات الفصيلة لضمان الجودة واستمرار التفرد في النوع والمذاق والفائدة الغذائية.
وأشار إلى أن النخلة تمر بعدة مراحل قبل أن تدخل في مرحلة اللقاح التي تُعد آخر مرحلة قبل مرحلة جني الثمار، ومن ذلك تنظيف النخل من بواقي "العردوم" وعذوق التمر من الموسم الماضي وكذلك الليف الزائد، وإزالة السعف الزائد المعروفة "بالتشحير"، ومرحلة "التشويك" أي إزالة الأشواك عن جذوع النخل، إضافة إلى إزالة "الرواكيب" وهي فسائل النخل الصغير التي تنمو في جذوع النخل الكبير الذي يطلق عليه "الأمهات"، وتكون هذه المراحل قبل اكتمال نمو طلع النخيل "الجعاب" بمدة لا تقل عن أسبوعين.
وأبان "آل الشهي" أن عملية التلقيح تبدأ مع تفتح "الجعاب" طلع النخيل، ويتم ذلك بأخذ أربعة إلى خمسة شروخ من لقاح النخل من ذات فصيل النخلة المراد تلقيحها؛ على أن يكون ذا جودة عالية وغني ببودرة اللقاح، ويقوم النخال بحمل اللقاح إلى النخلة ليضعه في طلعها، وثبات حبوب اللقاح في طلع النخلة الملقحة دليلٌ على نجاح عملية التلقيح، ويتميز نخيل نجران بعدم الحاجة لربط طلع النخلة بعد التلقيح لثبات حبوب اللقاح في طلع النخلة الملقحة.
وأخيرًا تأتي مرحلة التعديل، وهي نزع الليف وإزالة أجزاء من العذوق "المطو" حينما تكبر، لتقليل حجمها وتخفيف وزنها، وإسنادها على السعف حتى لا ينكسر العذق "المطو" لثقله، ويصبح نموه مكتملًا وحجم ثماره أكبر عند بدء تلونها باللون الأخضر، ومن ثم يبدأ لون الثمار بالتغير وفقًا لنوع وفصيل النخل، ومع ارتفاع درجة الحرارة تبدأ بالنضج لتصبح في كامل قوامها الغذائي مع حلول موسم الخريف أي جني ثمار النخل أو التمر.