"الذايدي": هذا أهم قرار اتخذه الشاعر بدر بن عبد المحسن في حياته

اغترف من ثقافة السعودية الأصيلة ولهجتها الغنية
"الذايدي": هذا أهم قرار اتخذه الشاعر بدر بن عبد المحسن في حياته

في رثائه للشاعر الراحل الأمير بدر بن عبد المحسن، رحمه الله، رصد الكاتب الصحفي مشاري الذايدي أهم قرار اتخذه "بدر" في حياته؛ وهو التفرغ لموهبته الشعرية والعمل عليها، وأخذها بغاية الجدّ، حتى خلّده شعره في عقل الزمان وقلبه، لافتًا إلى تجربته المختلفة، ورحلته الجديدة، التي ارتاد فيها طرقاً بِكراً في الشعر، متكئًا على اللهجة السعودية الغنية، والاغتراف من معين ثقافة وطنه الأصيلة، لتظل كلماته ما ظلَّ للإبداع حياة وللجمال بقاء.

أهكَذا «البدرُ» تُخفِي نورَهُ الحُفَرُ؟!

وفي مقاله "أهكَذا «البدرُ» تُخفِي نورَهُ الحُفَرُ؟!" بصحيفة "الشرق الأوسط"، يقول "الذايدي": وتمضي الأيام.... طاوية في غياهبها أجمل العقول وأنقى القرائح، لا تميّز بين أرواح شفيفة ونفوس بليدة.. أعلن في السعودية عن وفاة الشاعر - قبل أن يكون الأمير - بدر بن عبد المحسن بن عبدالعزيز، عن 75 عاماً، وهو عمر في عرف عصرنا ليس بالطاعن، لكن سهام المرض ورميات القدر تكالبت عليه في مغرب عمره، فنالت منه أخيراً في مشفاه البعيد".

محطات من حياة الراحل

ويقف "الذايدي" أمام محطات من حياة الراحل ويقول: "ولد الفتى الأمير في مِهاد الملك ومعقل القوة السعودية، في الرياض 2 أبريل 1949م، ذلك قبل رحيل جدّه العظيم الملك عبدالعزيز بـ4 سنوات.. والده الأمير عبد المحسن كان من المثقفين المتذوقين للأدب من أبناء الملك عبد العزيز، ولربما كان ذلك من أسباب ازدهار بذور الإبداع الكامنة في نفس «الشاعر» بدر.. تقلّب بدر بين الرياض العتيقة، وجدة الباسمة، ومصر المزدهرة ثقافة وفنّاً، وبريطانيا، وأميركا، في شبابه الغضّ في أثناء رحلته لتحصيل العلم واكتشاف الفن، واكتشاف نفسه".

ميزة بدر العظمى وقراره الكبير

ويؤكد "الذايدي" أن: "ميزة بدر العظمى، على مستوى التخطيط للحياة، قراره الكبير، بالتفرغ لموهبته والعمل عليها، وأخذها بغاية الجدّ، لذلك لن تجد لبدر مناصب حكومية أو غير حكومية، ما عدا رئاسته لسنوات قليلة جمعية الثقافة والفنون في السبعينات... وربما أشياء عابرة أخرى.. أما الذي خلّد بدراً في عقل الزمان وقلبه، فهو شعره المُغنّى منه والمُلقى والمودع في صفحات الدواوين".

تجربة بدر بن عبد المحسن الإبداعية

ويرصد "الذايدي" تجربة بدر بن عبد المحسن الإبداعية، ويقول: "تجربة مختلفة، ورحلة جديدة، ارتاد فيها بدر طرقاً بِكراً، وجرّب نفسه، وحاول تجاوزها في كل مرة تصل فيها لذروة جديدة، ذروة يُظنُّ أن لا ذُرى بعدها!.. كلماته ستظل ما ظلَّ للإبداع حياة وللجمال بقاء ولهما عُشّاق لا يتعبون ولا يضجرون من منادمة الجمال وتنفس الإبداع.. أغانٍ مثل: ليلة لو باقي ليلة، أبعتذر، الرسائل، المسافر... وفوق هام السحب، وغير ذلك كثير.. طلال مداح، محمد عبده، عبادي الجوهر، راشد الماجد، كاظم الساهر، أصالة، صابر الرباعي، وغيرهم كثير من الأصوات الباذخة، رسم بدرٌ على لوحات أصواتهم أجمل ما رسمه بالكلمات، وأودع أصواتهم، مكنون خياله الرحب.. للمرأة، للأسرة، للوطن، للذات، للموضوع، للجموح، للسكون، للظمأ، للرِيّ، للمطر للجدب، لليل والنهار والسماء والأرض، للتقاليد وللتجديد... كتب بدر وتردّد في الأفياء.

اغترف من معين ثقافته السعودية الأصيلة ولهجتها الغنية

وأضاف "الذايدي": "كتب جُلّ شعره باللهجة السعودية الغنية، بلهجاتها ومفرداتها من محكية أهل «العارض» إلى محكية أهل حاتم الطائي، من قاموس طويق الشامخ، إلى معجم البحر الأحمر الليّن... بل إلى الفصحى العربية المتداولة، كان فارساً فيها، لكنه آثر الكتابة باللهجة السعودية، شرح نهجه ذلك لإيمانه بأنَّ الكتابة بلغة «تملكها وتتمكن منها» حسب رأيه هي الأفضل.. هذا برهانٌ جديد على أنَّ الاغتراف من معين ثقافتك الأصيلة، هو السفينة للوصول إلى كل الناس في كل مكان".

أبيات وردت على خاطري وأنا أقرأ خبر رحيله

وأنهى "الذايدي" قائلً: "أخيراً، وبالاعتذار من شاعر نجد الكبير، الشيخ المرحوم محمد بن عثيمين، لتحوير طفيف على كلماته، وجدت أن أبياته تلك هي التي وردت على خاطري وأنا أقرأ خبر رحيل بدر بن عبد المحسن:

أهكَذا البَدرُ تُخفي نورَهُ الحَفرُ

وَيُفقَدُ العِلمُ لا عَينٌ وَلا أَثَرُ؟!

طَوَتكَ يا (بدرُ) أَيّامٌ طَوت أُمَماً

كانوا فَبانوا وَفي الماضينَ مُعتَبَرُ

إِن كان شَخصُكَ قد واراهُ مُلحِدهُ

(فشِعرُكَ) الجَمُّ في الآفاقِ مُنتَشِرُ".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org