

في خطوة لافتة، تتجدّد أهمية إبراز القيمة البيئية والتنموية للجبال في اليوم العالمي للجبال، الذي يوافق 11 ديسمبر من كل عام، لما لها من دور في الحفاظ على التنوع الحيوي، وتوفير مصادر المياه، وتعزيز الاستدامة. وتأتي منطقة الباحة في قلب هذا الاهتمام، باعتبارها من أبرز المناطق الجبلية في المملكة، بما تمتلكه من سلاسل شاهقة ضمن جبال السراة وبيئات متنوعة تُسهم في تعزيز الهوية البيئية والثقافية للمنطقة.
وتتميّز جبال الباحة بارتفاعات تتجاوز في بعض المواقع 2,400 متر فوق سطح البحر، مثل جبل شدا الأعلى، الذي يُعد محمية طبيعية فريدة تحتضن صخورًا غرانيتيّة تعود إلى ملايين السنين، وتشكيلات نادرة من النباتات العطرية والبرية، إضافة إلى الحياة الفطرية التي تحظى برعاية المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية.
وتُعد مرتفعات السراة، وبلجرشي، والمندق، والباحة من أهم البيئات الجبلية في المملكة، بما تتميز به من مناخ بارد وضبابي يمنحها فرادة بصرية شتوية، ويسهم في تكوين غطاء نباتي غني يضم غابات العرعر والطلح واللوز البري، إلى جانب تراكيب زراعية جبلية قديمة مثل مدرجات الرمان والبن والعنب.
وفي هذا السياق، تُعد جبال الباحة وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة، بما تحتويه من مسارات جبلية مجهزة، وشرفات مطلة على الأودية السحيقة، ومتنزهات طبيعية مثل متنزه رغدان، وجبل شدا الأسفل، ومحمية جبل شدا الأعلى، إلى جانب القرى التراثية المبنية على سفوح الجبال، التي تجسّد نمط الحياة الجبلية القديمة بعمارتها الحجرية وأساليبها التقليدية.
وأكد عدد من المختصين أن البيئة الجبلية في الباحة تُعد من الثروات الوطنية ذات الأبعاد الاقتصادية والسياحية والبيئية، لما تزخر به من موارد طبيعية قابلة للاستدامة، ولدورها في تعزيز الأمن المائي عبر استقبال الأمطار وتغذية الأودية والآبار، فضلًا عن مساهمتها في زيادة التنوع الأحيائي الذي تراهن عليه المنطقة في خططها المستقبلية.
ويأتي الاحتفاء باليوم العالمي للجبال لتسليط الضوء على الجهود المتواصلة للحفاظ على هذه الثروات الطبيعية، والعمل على حماية النظم البيئية الجبلية، وتطوير أنشطة سياحية متوازنة تُعزز مكانة منطقة الباحة كوجهة بيئية وجبلية متميزة على مستوى المملكة.