بخطى واثقة، ووتيرة متسارعة، تسير السعودية نحو القمة في العديد من المجالات، بعدما نجحت رؤية 2030 في توظيف الإمكانات السعودية بشكل علمي ودقيق، أعاد صياغة الكثير من المفاهيم، ووضع الآليات التي تدفع بالبلاد إلى صدارة المشهد العالمي.
الصدارة السعودية الدولية رأيناها تتجسد "اقتصاديًّا" عندما رأست السعودية مجموعة العشرين الاقتصادية في نسختها قبل الماضية، و"بيئيًّا" عندما أعلنت مبادرات تعالج التغيُّر المناخي، وتواجه ظاهرة الاحتباس الحراري على مستوى العالم ومنطقة الشرق الأوسط، و"صحيًّا" و"إنسانيًّا" عندما تصدرت دول كوكب الأرض في التعامل المثالي مع جائحة كورونا.
واليوم تعود السعودية مجددًا إلى صدارة المشهد الدولي باستضافة الأحساء منتصف فبراير الجاري الاجتماع التأسيسي للمجلس الدولي للتمور، بحضور شخصيات مهمة، جاءت من الداخل والخارج، بجانب مؤسسات دولية، تتقدمها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد).
ليس عندي شك في أن السعودية قادرة على إدارة الاجتماع المرتقب بمهارة وحرفية عاليتَيْن، والوصول إلى آليات توافقية بين عشر دول أبدت موافقة رسمية على الانضمام إلى المجلس الدولي للتمور، وسبع دول أخرى على وشك الانضمام؛ الأمر الذي يثمر تأسيس مجلس عالمي للتمور، يتمتع بالصلاحيات اللازمة والإمكانات اللازمة لوضع خطط النهوض بالقطاع، يُضاف إلى ذلك أن السعودية تمتلك الخبرات التي تساعدها على ذلك، كما لديها من التصورات والرؤى والأفكار الكفيلة بمعالجة التحديات التي تواجه الدول المنتجة والمصدرة للتمور. وليس في الأمر غرابة إذا عرفنا أن السعودية هي موطن أجود أنواع التمور على مستوى العالم، كما أنها تحتل المركز الثاني عالميًّا في الإنتاج العالمي بأكثر من مليون ونصف المليون طن سنويًّا، وتأتي في طليعة الدول المصدرة للتمور إلى أسواق العالم بقيمة تلامس 950 مليون ريال سنويًّا.
أردد وأكرر بأن السعودية من واقع الخبرات المتراكمة لديها، وتجربتها الثرية في زراعة النخيل، تدرك طبيعة قطاع التمور ومشكلاته؛ كونه قطاعًا منخفض الجودة والإنتاجية، ولديه من التحديات والمعوقات ما يدفع دول العالم إلى تعزيز الشراكة بينها من خلال المجلس العالمي للتمور، والتحالف على مواجهة تلك الصعاب؛ وبالتالي ستكون قادرة على وصف علاج لمشكلات القطاع، وهي كثيرة ومتشعبة، ليس أولها ضعف الإنتاجية، وتغيُّر المناخ، ونقص موارد المياه، وليس آخرها مشكلات الآفات الحشرية والمرضية، وضعف تبني الممارسات والتقنيات الحديثة، إضافة إلى ارتفاع الفاقد، وضعف كفاءة تداول التمور بعد الحصاد.
وهنا أستطيع التأكيد أن السعودية خير من يقود المجلس الدولي للتمور، ويحدد برامجه وأولوياته، ويسن تشريعاته وآلية عمله.. وأؤمن أنها قادرة على تحقيق تطلعات الدول المنتجة، وأمنيات الدول المستوردة للتمور، والوصول إلى خطط كفيلة بزيادة الإنتاج العالمي بما يكفي سكان الأرض. وهذه أولوية قصوى، ستوليها السعودية اهتمامًا كبيرًا.