دخلت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن) في مشروع تعاوني يهدف لمعالجة مياه الصرف الصحي في المملكة العربية السعودية بطريقة مستدامة باعتماد تقنية من تطوير البروفيسورة بيينغ هونغ، الأستاذ المشارك في العلوم والهندسة البيئية والعضو في مركز تحلية وإعادة استخدام المياه في كاوست.
وتعتزم "مدن" تجربة تلك التقنية من خلال بناء مفاعلات حيوية جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة تدويرها بطريقة مستدامة وعلى نطاق واسع في مدينتهم الصناعية الأولى بجدة.
وتعكس تلك المشاريع التزام المملكة المستمر بضمان استدامة إمدادات المياه والعمل على زيادتها، ويشمل ذلك إعادة استخدام ومعالجة 100٪ من مياه الصرف الصحي بحلول عام 2025. إلا أن معظم مرافق معالجة مياه الصرف الصحي التقليدية في البلاد تستخدم أنظمة معالجة بيولوجية هوائية كثيفة الاستهلاك للطاقة، وتنتج كميات كبيرة من رواسب الصرف (الحمأة) التي يكون التخلص منها مكلفاً للغاية.
وتقدم هذه الطريقة الجديدة حلاً بديلاً لمشكلات الطلب على الطاقة والتخلص من رواسب الصرف باستخدام تقنية المفاعل الحيوي الغشائي اللاهوائي (AnMBR)، وهي تقنية متطورة حاصلة على براءة اختراع ومحايدة للطاقة ولا مركزية وتُنتج رواسب صرف صحي أقل بعشرة أضعاف. والأهم من ذلك، يمكن استخدام المياه المنتجة لأغراض غير الاستهلاك البشري مثل ري المسطحات الخضراء والزراعة الحضرية - حيث تعمل النفايات السائلة التي ينتجها النظام كنوع من الأسمدة التي يمكن أن تستفيد منها النباتات.
وقال البروفيسور كيفن كولين، نائب رئيس كاوست للابتكار: "تُعد العلاقة بين كاوست ومدن مثالاً ممتازاً على التعاون المثمر بين الجامعات وشركاء القطاع الصناعي لحل التحديات الحقيقية في مجتمعنا وفي مدينة مثل جدة حيث نحتاج إلى زيادة قدرة معالجة مياه الصرف الصحي".
وأضاف: "سيؤدي استخدام هذه التقنية الجديدة إلى معالجة مياه الصرف الصحي بكفاءة أكبر باستخدام نموذج معالجة لامركزية وبطريقة محايدة للطاقة ومستدامة".
يشار إلى أن "كاوست" سبق وتعاونت مع "مدن" -التي تُشغل بنية تحتية مهمة للخدمات البيئية في جميع أنحاء المملكة- في العديد من المشاريع البحثية، بما في ذلك توقيع مذكرة التفاهم في عام 2019 لتعزيز التعاون بينهما في مجال البحث والتطوير واستهداف القضايا والتحديات الرئيسية التي تواجهها المملكة - مثل استدامة المياه.
وأكد مدير إدارة التسويق والاتصال المؤسسي والمتحدث باسم مدن، قصي العبدالكريم، التزام الهيئة بتنفيذ مشاريع البحوث الأساسية والتطبيقية في جميع القطاعات، بما في ذلك المجالات المتعلقة بالاستدامة والبيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية وتحسين العمليات والكفاءة التشغيلية.
وسيتم تنفيذ ذلك الالتزام من خلال مجموعة من الشراكات الفريدة مع العديد من المؤسسات الأكاديمية والجامعات المحلية والدولية مثل كاوست، مما يتيح نقل وتوطين التقنيات الحديثة في المدن الصناعية ودعم التوجه نحو التحول الرقمي واعتماد تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة. وهو جزء من إستراتيجية مدن لتمكين الصناعة الوطنية وزيادة المحتوى المحلي بما يتماشى مع دورها المحوري في الرؤية السعودية 2030 وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (NIDLP).
وتعمل المحطة التجريبية حالياً في موقع مدن وستعمل على معالجة 25000 إلى 50000 لتر من مياه الصرف الصحي يومياً، وستكون أول عرض لتقنية معالجة مياه الصرف الصحي بأقل تكلفة للطاقة في المنطقة، وستلعب دوراً إستراتيجياً في تلبية احتياجات المياه في المملكة واستدامتها.
من جانبها قالت البروفيسورة هونغ: "تبرهن محطة مدن التجريبية كفاءة المفاعل الحيوي الغشائي اللاهوائي بأكمله إلى جانب إستراتيجية المعالجة المناسبة من حيث تكاليف الطاقة وتكاليف التشغيل. هدفنا هو تقييم مدى قدرة تقنيتنا الجديدة على المنافسة مقارنة بتقنيات المعالجة الحالية لمياه الصرف الصحي".
وتعد المحطة مثالاً لأحدث التقنيات التي تم تطويرها في كاوست والقابلة للاستخدام على أرض الواقع، وهي شهادة على حرص الجامعة على تسويق تقنياتها المبتكرة التي يمكن أن تفيد المملكة من خلال الشراكات المثمرة مع المؤسسات الوطنية والدولية لتنفيذ ذلك النوع من التقنيات على نطاق واسع والمساهمة في تحقيق الأهداف الرئيسية للرؤية السعودية 2030، والتي يعد إعادة استخدام المياه إحدى أولوياتها.