
أكد الباحث في شؤون الأمن الفكري وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الدكتور محمد بن علي العبداللطيف، أن سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ -رحمه الله- كان علمًا بارزًا في العلم والدعوة إلى الله على بصيرة وتقوى، مشيرًا إلى أن سماحته إلى جانب نشره للعلم الشرعي كان صاحب شفاعة حسنة ويد بيضاء ممتدة لكل محتاج ماديًا ومعنويًا.
وقال في تصريح لـ"سبق": "تشرفت بطلب العلم على سماحته، فلمست فيه العالم الرباني الزاهد، والأب الحنون، والمعلم القدير، الذي استفدت منه الكثير ونهلت من معين أدبه وسمته ومحبته لطلابه الشيء الكثير، الذي سيبقى عالقًا في الذاكرة".
وأضاف "العبداللطيف": إن رحيل العلماء ليس حدثًا عابرًا، بل هو خسارة فادحة تمس الأمة جمعاء، فهم مصابيح الهدى وحملة الرسالة الذين قضوا أعمارهم في نشر العلم وتعليمه وتوجيه الناس إلى الخير وربطهم بمنابع الهداية. ولاسيما سماحته -رحمه الله- الذي ترعرع في كنف العلم والعلماء، وكان صوتًا جامعًا معتدلًا صادعًا بالعلم النافع من أعظم المنابر الدعوية في صعيد عرفات الطاهر، موجّهًا الأمة نحو الخير والبر والتقوى والتمسك بالهدي النبوي.
وأشار إلى أن موت العالم يعني انطفاء منارة من منارات النور، ويترك فراغًا يصعب ملؤه، لأن العلم لا يُكتسب في سنوات قليلة، بل هو حصيلة جهد طويل وصبر ومجاهدة. مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء"، مبينًا أن رحيل العلماء نذير بانتقاص العلم وذهاب بركته.
ونوّه "العبداللطيف" بأن الأمة التي تفقد علماءها تفقد جزءًا من قوتها وحصانتها الفكرية؛ فالعالم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو مرجع في النوازل، وميزان عند الفتن، وملاذ عند اشتداد الأزمات، مما يبرز أهمية العناية بالعلماء الأحياء وتقدير جهودهم والأخذ عنهم وحمل وصاياهم حتى لا ينقطع ميراث النبوة.
واختتم تصريحه بالقول: "إن رحيل العلماء مناسبة للتذكير بمسؤولية الأجيال الجديدة في حمل الأمانة، وبذل الجهد في طلب العلم، والاقتداء بسير العلماء الربانيين الذين رحلوا، حتى تبقى شعلة العلم متقدة، وتظل الأمة محصنة بالوعي والبصيرة واليقين".