الحالة الجميلة التي ينشدها الجميع، ويستمتع بها الصغير والكبير، هي حالة الفرح.
إنها حالة شعورية، تعيش فيها النفس أجمل اللحظات.
الفرح قوة مهمة، تدوم أكثر من اللذة العابرة التي تزول بزوال أسبابها.
بفضل الله -عز وجل- أجد أن هذه القوة الناعمة تنتشر بشكل إيجابي ورائع بين أفراد مجتمعنا السعودي بشرائحه كافة، العمرية والعلمية والوظيفية.. وهي قوة نحتاج إليها كوقود يومي؛ لننعم بما أكرمنا الله به من نِعَم عظيمة. إنها قوة الفرح والبهجة والسعادة.
من خلال ملاحظتي المستمرة للمتدربين وبين زملائي المدربين داخل الكلية التقنية بأبها أجد أن ثقافة الفرح والسعادة ومحبة العمل والإقبال على التدريب برغبة عالية أصبحت ثقافة سائدة.
يقابلك المتدرب بالسلام، ثم ينظر لك بابتسامة ومحبة، ويثني عليك بمفردات تُشعرك بسعادته ورغبته في دخول قاعات وورش التدريب.
اخترت التدريب التقني كنموذج ومثال أعايشه بشكل يومي، وألاحظ تفاصيله الدقيقة وسلوكيات أفراده، وهو يمثل شريحة مهمة، ويمكن القياس عليها داخل مجتمعنا السعودي.
كنتُ في الماضي ألاحظ دخول بعض المتدربين الكلية برغبة منخفضة، تستطيع أن تقرأها من طريقته في المشي داخل أسوار الكلية، وأسلوبه في التعامل مع زملائه، وتأخره عن المحاضرات وفعاليات الكلية، ولكن اليوم الوضع مختلف تمامًا، والمعايير التي بنيت عليها هذا المقال هي التزام الجميع بجودة الأداء، والزي الرسمي، وطريقة الحديث، ولغة الجسد الإيجابية، وأسلوب المشاركة والنقاش.
أنا مؤمن بأن القطاعات الحكومية والخاصة كافة في وطننا الغالي تشعر بهذا التغيير الجميل في سلوكيات الموظفين والمراجعين. ثقافة الفرح ومحبة الحياة، وحُسن الظن بالجميع، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، أصبحت ملاحظة في أرجاء وطننا الغالي كافة؛ وهذا بفضل الوهاب المعطي سبحانه، ثم إقبال الجميع على المعرفة ومحبة الحياة، والرغبة في نشر السعادة على الجميع.
حينما تراقب مفردات الحفاوة والاحترام والتقدير بين الناس، وفي وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وجعل الآخر يشعر بأهميته ومكانته، تعلم أن مجتمع اليوم أصبح مجتمعًا حضاريًّا، يحترم حقوق الآخرين، ويطبق تعاليم الدين الإسلامي الحنيف بالشكل الصحيح.
سعودية الخير والسعادة وأبناؤها وبناتها ينعمون بطريقة تفكير مختلفة وخلاقة، جعلتهم يزدادون إيمانًا بأهمية وحدتهم وارتباطهم ببعضهم، وتكامل جهودهم فيما يعود على وطنهم بالخير والاستقرار؛ وهذا قادهم بشكل تلقائي لتشجيع بعضهم على النمو الفكري والاجتماعي، ونشر ثقافة الفرح فيما بينهم.
نحتاج إلى الفرح في حياتنا؛ فهو ضرورة كبرى لاستمرار الإنتاجية والبناء.
المحبة العميقة التي تجمع الأسر والأصدقاء وأفراد المجتمع هي عمل مشترك، يقوم كل طرف بدوره؛ ليستمر قارب الحياة، ويستمتع الجميع بالرحلة.
كم أنتم رائعون يا أبناء وطني وأنتم تتشاركون المحبة والضحكة والفرحة، وتشجعون بعضكم على استدامة التنمية والتطوير في وطنكم المبارك والموفق بإذن الله (المملكة العربية السعودية).
السعودي يحب السعودي حبًّا حقيقيًّا خاليًا من المصالح المادية، حبًّا غير مشروط. يحبه؛ لأنه يتقاسم معه هذا الجزء من العالم، ويعلم أن محبته له وسيلة فعالة للوصول إلى حالة الفرح بالحياة على أرض هذه البلاد الطاهرة. يحبه لأنه يعلم أن المصير واحد، وأنهما والأجيال التي بعدهما ستتقاسم النتائج والطموحات النبيلة التي ستتحقق -بإذن الله-، وستُبقي هذا الوطن شامخًا عزيزًا مستقرًّا حتى يرث الله الأرض ومَن عليها.
هناك مصدر مهم للفرح، هو طريقة التفكير والاعتدال في إشباع الرغبات والملذات. الفرح في أن تستمتع بالموجود، وتنغمس فيه، ولا تتحسر على المفقود.
في كثير من مجالسنا تجد أن هناك دعوات مستمرة بين الجميع للتفكير بإيجابية، وتذكُّر النعم التي تعيشها بلادنا بفضل الله. وهذا أمر مبشر بأن أفراد المجتمع يحفزون بعضهم نحو ما يجعل مسار التفكير الجمعي يتجه في المسار الصحيح الذي يملؤه الفرح والطمأنينة.
بارك الله لنا في وطننا (المملكة العربية السعودية)، وأدام علينا نعمة الفرح والاستقرار، وجعلنا جميعًا سعداء في الدنيا والآخرة.