أثار اقتراح عدد من أعضاء مجلس الشورى بتأخير صلاة العشاء لمدة ساعتين بعد المغرب، ردود أفعال متباينة ما بين مؤيد ومعارض؛ إذ يرى مؤيدو المقترح أنه يصب في صالح المواطن، وأكثر تسهيلاً في قضاء احتياجاته، كما أنها ستؤثر إيجابياً على حركة البيع والشراء؛ فيما يرى المعارضون أن تأخير الصلاة قد يؤثر سلباً على أدائها أو نسيانها؛ أما علماء الدين فأكدوا عدم وجود مانع شرعي إذا تحققت المصلحة دون التفريط في الصلاة. ومن المتوقع أن يحسم مجلس الشورى في جلسته يوم الثلاثاء القادم مقترحاً تَقَدّم به 25 عضواً لتمديد وقت رفع أذان العشاء والإقامة، في المدن الكبيرة إلى ساعتين بعد أذان المغرب، والذي تَبَنّته لجنة الشؤون الإسلامية بالمجلس.
تتعرف "سبق" على أبعاد التوصية؛ محاولة استطلاع رأي بعض أفراد المجتمع.
تقول "الجوهرة" التي تعمل في إحدى المحلات: لا أعتبر الصلاة عبئاً أو مشقة؛ بيْد أن مدة إغلاق المحلات في صلاة العشاء تحديداً، كبيرة، ولا يوجد فارق زمني طويل بين صلاة المغرب والعشاء لأداء أي مصالح؛ متسائلة: لماذا لا تؤخر العشاء طالما لا يوجد مانع ديني؟ وإذا كان من المستحب التأخير فلِمَ العجلة؟
فيما اعترض عبدالله الشافعي، قائلاً: التأخير فيه مشقة على كبار السن الذين ينتظرون العشاء حتى ينامون، كما أنها ستكون دافعاً للكسل والإرهاق عند بعض الشباب، والأوْلى المحافظة على الصلاة في وقتها.
وقالت "أم سهيلة" لـ"سبق": من أكثر الأمور التي تستفزني؛ طول فترة إغلاق المحلات وقت العشاء؛ مشيرة إلى أنها تقوم لأداء الصلاة وتنتهي منها وما زالت المحلات مغلقة؛ مما يدفعها إلى البقاء في منزلها لبعد العشاء؛ حيث الفترة الزمنية بين الصلاتين ضيقة ولا تكفي لأداء أي مصلحة.
وأضافت: زيادة الفترة الزمنية بين الصلاتين، يمكن للفرد فيها الاستفادة بالوقت في أداء أي عمل يرغبه دون الخوف من سرعة دخول وقت الصلاة.
أما "روزانا السعيد" طالبة جامعية، فرأت أن تأخير الوقت سوف يشجع الكثير من الأسر على الخروج مبكراً للاستمتاع والشراء بدلاً من التأخير لبعد صلاة العشاء؛ متسائلة: لماذا يرفض البعض تأخير الوقت الآن ويقبله في شهر رمضان؛ فهذه عشاء وهذه عشاء أيضاً.
الدكتور محمد السعيدي رئيس وحدة التوعية الفكرية في جامعة أم القرى؛ رأى أنه لا يوجد أي مانع شرعي من تأخير صلاة العشاء، طالما وجد ولي الأمر أن فيها مصلحة للمجتمع؛ فالأمر موكول للفائدة المرجوة من التأخير.. وأشار إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام، أخّر صلاة العشاء حتى نام الصبيان، ثم قال إنه لوقتها: (لولا أن أشق على أمتي)؛ مما يوضح جواز التأخير إذا ذهبت المشقة.
في حين بدأ أستاذ السياسة الشرعية والأنظمة في جامعة الملك عبدالعزيز والخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي الدكتور حسن بن مسفر حديثه لـ"سبق" قائلاً: الصلاة في وقتها سبب رضوان الله عز وجل؛ لافتاً أن دخول وقت الصلاة يوجب تأديتها على النحو الذي أوضحه الرسول صلى الله عليه وسلم. وعلّق على سبب مقترح التأخير قائلاً: هذا الكلام غير منطقي، وهناك متسع من الوقت بعد صلاة العشاء للبيع والشراء فلِمَ التأخير؟ والأوْلى قيام العشاء في وقتها وعدم تأخيرها؛ مؤكداً أنه ليس بالمبرر الذي يتقبله أفراد المجتمع.
وتابع: ما يميز بلدنا الحبيب هو إغلاق المحلات في أوقات الصلاة، ولو كانت المشكلة في ضيق الوقت؛ فمن الممكن القيام بمبادرات بحيث يكون إغلاق المحلات بعد الأذان بخمس دقائق، وألا يكون هناك تطويل في أداء صلاة العشاء حتى لا يضر بالأسواق التجارية.
ورداً على من استشهد بتأخيرها في شهر رمضان؟ أجاب مسفر: لرمضان مزية تختلف عن غيره من الشهور، والتأخير بسبب الصيام وإعطاء الوقت للاستعداد لصلاة العشاء والتروايح.
ورأى أنه لا يوجد حاجة ملحّة من التأخير، "وأخشى أن يؤدي تأخيرها إلى نسيانها أو تأديتها على الوجه غير المطلوب"؛ مطالباً بدراسة الموضوع حتى تكتمل جميع جوانبه.
من جهته رأى الكاتب الاقتصادي جمال بنون أن فكرة المقترح ليست بالجديدة؛ مشيراً إلى أن تعليق الصلاة وإغلاق المحلات لم يَرِد بها أي من الأدلة الدينية، سوى في صلاة الجمعة، وعن مقترح تأجيل صلاة العشاء ساعتين عن المغرب، قال بنون: زيادة المدة بين المغرب والعشاء معناه إعطاء فرصة أطول للتسوق وإنهاء الأشغال في المحلات التجارية؛ حيث توفر كثيراً من الوقت للتسوق بدلاً من عودة الفرد للمنزل لطول مدة صلاة العشاء. وقال: "٣٠% من المتسوقين يفقدهم أصحاب المحلات أوقات الصلاة"؛ معتبراً أنها مشكلة كبيرة تسبب إعاقة وخسارة وقت ومادة، وقال: "نحن في حاجة لقرار جريء من الهيئة العامة للاستثمار ووزارة التجارة؛ خاصة والدولة مقبلة على مرحلة استثمار أجنبي ولا بد أن يكون هناك امتيازات؛ مؤكداً أن التأخير لا يعني الانسلاخ عن ديننا.
وأضاف: لدينا مراكز تسوق كبيرة وضخمة للأسرة بأكملها يرتادها آلاف المتسوقين يومياً؛ مما يعني خسارة ١٠٠ مليار سنوياً يفقدها السوق التجاري بسبب إغلاق المحلات.
وعن الفائدة الاقتصادية جراء مد الفترة بين المغرب والعشاء، قال الكاتب والخبير الاقتصادي: سوف يستعيد السوق ٣٠% يفقدهم وقت الصلاة؛ مضيفاً أن ٧٠% من الأعمال يفضل السعوديون إنجازها بعد العشاء بسبب ضيق الوقت بين صلاة المغرب والعشاء؛ أما أستاذ الدراسات العليا في جامعة أم القرى الدكتور الشريف حاتم العوني؛ فرأى أنه لا مانع شرعي من تأخير صلاة العشاء إلى ما يقارب ثلث الليل الأول.
ونادى بجواز التأخير بل بأفضليته إذا وجد فيه مصلحة ولا يؤدي إلى التفريط في أداء الصلاة؛ مستشهداً بقول رسول الله: (لولا خشية الإثقال على الناس). وأيد الدكتور العوني دكتور مسفر في إجراء دراسة ميدانية واستبيان لمعرفة آراء المجتمع.