يُحكى أن أحد الطيارين العرب مازَحَ المراقب الجوي في مرحلة الاقتراب من مطار نيويورك قائلًا: يا صديقي إذا أعطيتني مسارًا أسرع؛ فسوف أدعوك للعشاء على وجبة برجر لذيذة!
ولأن المراقب الجوي لم يكن في مزاج جيد -كما يبدو من إجابته- فقد كان رده: اسمع، أولًا أنا لست صديقك، ثانيًا: لا أحب البرجر، ثالثًا: التزم بمسارك المحدد دون إزعاج وإلا ستتأخر أكثر.
هذا نوع من الأحاديث التي تدور بين الطيارين والمراقبين الجويين أحيانًا، خارج نصوص المحادثات والتعليمات النظامية، معظمها ودية وبعضها ربما لا يخلو من الشد؛ لكنها في كل الأحوال لا تخرج عن حدود الاحترام المتبادل، باستثناء حالات قليلة.
المتابع لمسارات الطيران عبر التطبيقات المتخصصة يعرف مدى ازدحام الأجواء في كثير من الأماكن على امتداد خارطة العالم. والمهتمون بهذا المجال يعرفون أن كل رحلة تكون مصحوبة بعدد لا ينتهي من المحادثات الضرورية، من بوابة المغادرة حتى بوابة الوصول.
بخلاف المحادثات العادية (التي تشمل تعليمات محددة تتعلق بخطة الطيران وتفاصيل الارتفاعات المطلوبة والاتجاهات المعينة والسرعات المناسبة).
هناك نوعان من الأسئلة التي يوجهها عادة الطيارون للمراقبين الجويين، النوع الأول "يرتبط بالرحلة"؛ كالسؤال عن سرعة الرياح في طبقات الجو العليا، ونوع الطائرة التي تسير أمامهم، والتيارات المؤثرة جدًّا خاصة إذا كانت معاكسة في فصل الشتاء فهي تؤدي لتقليل السرعة وزيادة الوقت وحرق الوقود وتكوين مطبات جوية.. إلخ.
النوع الثاني من الأسئلة "ليس له علاقة بالطيران"؛ فيكون متعلقًا بمناسبة أو حدث أو توقيت، وعلى سبيل المثال يتكرر كل رمضان السؤال عن وقت الإمساك أو الإفطار في المنطقة التي تمرّ فوقها الطائرة، كذلك السؤال ليلة عيد الفطر عن ثبوت الرؤية أو عدمها، أما كرة القدم فلها النصيب الأكبر من الأسئلة خاصةً المباريات النهائية أو اللقاءات الهامة سواءً المحلية أو في كأس العالم أو دوري أبطال أوروبا.
هناك نوع مختلف ونادر جدًّا من الأحاديث التي تنتقل عبر الأثير دون قصد، يحدث ذلك حينما يضغط المراقب الجوي أو الطيار (بالخطأ) على زر الإرسال فتكون الأحاديث الخاصة بين المراقبين أنفسهم، أو بين الطيارين داخل الكبينة، مسموعةً عند جميع الموجودين على الموجة، هذا النوع على ندرته يظل عالقًا بالذاكرة طويلًا، وهناك الكثير من النماذج الطريفة والمحرجة (القابلة للنشر) التي تستحق موضوعًا مستقلًا.