تحظى العلاقات بين السعودية والكويت بعمق تاريخي، قل أن توفر لغيرهما من الدول، ففي عام 1891 استقبلت الكويت الإمام عبد الرحمن الفيصل آل سعود، آخر حكام الدولة السعودية الثانية، ومعه نجله الملك عبد العزيز، الذي ما لبث أن انطلق من الكويت برفقة رجاله المخلصين، متجهاً صوب الرياض، ليعيدها إلى كنف ملك أجداده في عام 1902، وتكون الكويت مع هذا التحرك التاريخي، قاعدة انطلاق تأسيس الدولة السعودية الثالثة، تحت قيادة الملك عبد العزيز، الذي أعطى الأولوية لترسيخ العلاقات مع الكويت، فزارها في الأعوام: 1910، 1915، و1936، وأبرم معها عدداً من الاتفاقيات الدولية، منها اتفاقية العقير في أوائل ديسمبر (كانون الأول) 1922؛ لتحديد الحدود بين المملكة والكويت، وإقامة منطقة محايدة بين البلدين.
وتزخر صفحات التاريخ بالكثير من المواقف السياسية المشرفة بين الدولتين، فعندما تعرضت الكويت للاجتياح العراقي في الثاني من أغسطس عام 1990، رفضت السعودية العدوان منذ اللحظات الأولى، واستقبلت قيادة الكويت على أراضيها، وفتحت حدودها لدخول الآلاف من أبناء الشعب الكويتي، ولم تكتف السعودية بهذا الدعم الذي قدمته إلى الكويت وشعبها، بل سخرت كل إمكاناتها لتحرير الكويت من العدوان، ويسجل التاريخ في هذه المحنة الموقف الحاسم الذي اتخذه الملك فهد بن عبد العزيز، وأصر خلاله على ضرورة إنهاء احتلال الكويت، وعبر عنه بمقولته الخالدة: "إما أن تعود الكويت، أو تروح السعودية معها"، ليجسد أسمى معاني اللاحم التي يمكن أن تنشأ في مجال العلاقات بين الدول.
واكتسبت العلاقات السعودية الكويتية أهمية كبيرة لدى قيادة البلدين، وقد تجلى ذلك في الزيارات الرسمية المتبادلة لهما، والاتفاقيات التي تعقد بين فترة وأخرى بين الدولتين لتعميق التعاون في المجالات المختلفة، ورغم ما حفلت به العلاقات الثنائية من تطور واستقرار على مدار تاريخها، فقد شهدت تحولاً نوعياً، وفصلاً جديداً في عهد الملك سلمان، الذي حرص بعد توليه مقاليد الحكم في البلاد على زيارة الكويت في ديسمبر 2016، كما دفع بالتعاون بين البلدين إلى آفاق جديدة، من خلال مجلس التنسيق السعودي الكويتي، الذي أنشئ 1439هـ؛ لدعم العمل الثنائي بين البلدين، وتوسيعه ليشمل كل المجالات.
وتمضي العلاقات السعودية الكويتية منذ نشأتها في مسارين أساسيين: الأول رسمي تعبر عنه الاتفاقيات الثنائية، والتنسيق المتبادل في مجال السياسة الخارجية؛ لما يعزز مصالح البلدين والمنطقة، والثاني شعبي ينعكس في أواصر القربى والنسب، وتفضيل عدد من مواطني كل دولة العيش في الدولة الأخرى، وكلا المسارين يعضد بعضه بعضًا، ويضاعف من إمكانات الدولتين على مواجهة التحديات التي تواجههما، وقد اكتسبت العلاقات بين البلدين هذا المستوى في قوة الترابط بينهما؛ نتيجة لأنها وليدة لمجموعة من المعطيات المهمة، مثل الجوار الجغرافي، ومواقف الدعم والمساندة التاريخية لكل منهما للأخرى؛ ما جعل منها علاقات وطيدة ونوعية وخاصة، قائمة على الإيمان بوحدة المصير المشترك.