صدر حديثًا كتاب "لعبة اللوم: الدول الصناعية بمواجهة النفط" باللغة الإنجليزية لمؤلفه الدكتور محمد سرور الصبان، الذي شغل منصب كبير مستشاري وزير البترول السعودي سابقًا. كما ترأس الوفد السعودي لمفاوضات الأمم المتحدة لتغير المناخ لثلاثة عقود، دافع خلالها عن مصالح السعودية، في وجه الهجمة الغربية الهادفة لتحميل السعودية والخليج فاتورة أخطاء الدول المتقدمة التي ارتكبتها خلال 200 عام.
وقال "الصبان": "لا أحد ينكر أن مناخ الأرض يتغير، وفي الوقت نفسه لا يمكن إلقاء عبء مواجهته على الدول النامية، وبخاصة تلك المصدرة للبترول، مثل المملكة العربية السعودية؛ فالدول الصناعية وصلت إلى ما وصلت إليه من تقدم عبر استخدامها المفرط للنفط وغيره من مصادر الطاقة الأحفورية؛ وبالتالي، ووفقًا لمبدأ "على الملوث أن يدفع"، المُدرج في اتفاقية المناخ، يجب توجيه اللوم لمَن قام بالخطأ، وتحميله الفاتورة".
وأضاف: "أما الاستمرار في معاقبة سلعة النفط بمزيد من الضرائب الكربونية فهذا يجب أن يتوقف في ظل استمرار الدول الصناعية بتقديم إعانات للفحم، وهو أكبر مصدر للتلوث من النفط؛ لذا مع استمرار العالم باستهلاك الفحم يجب أن تتوقف محاولات تجيير العبء للدول المنتجة للنفط ومحاولة لومها؛ لأن هذا يتنافى مع مبدأ العدالة".
وأردف: "وفي الوقت نفسه، فإن السعودية تقوم بواجباتها، واتجهت إلى تطوير مصادر الطاقة المتجددة في إطار رؤية 2030، واتجهت أيضًا إلى تطوير صناعة الهيدروجين الأزرق والأخضر. كما تعمل السعودية على زيادة التشجير؛ ليساعد في امتصاص الغازات المسببة للاحتباس الحراري".
وتابع: "مع ذلك فإن ما واجهته السعودية والدول المصدرة للنفط من ضغوط في المفاوضات السابقة منذ عقود، ومحاولات دفعها إلى تحمُّل نصيب غير عادل في مواجهة تغيُّر المناخ، يدل بشكل فاضح وواضح على نفاق الدول المتقدمة التي تتهرب من مسؤوليتها".
وقال "الصبان": "لقد أظهرت الحرب الروسية-الأوكرانية الحالية المعايير المزدوجة التي تنتهجها الدول الغربية، التي كثفت من استخدامها الفحم، وأعاد معظمها توزيع تراخيص التنقيب عن النفط والغاز، فأتت بذلك كل تعهداتها فيما يتعلق بحماية المناخ مجرد حبر على ورق. وستستمر هذه الدول على هذه المعايير المزدوجة حتى في فترة ما بعد الحرب في أوكرانيا؛ بهدف التخلص من عبء وارداتها من النفط".
ويستعرض الكتاب أمثلة متعددة تتعلق بتلك الازدواجية في المعايير، التي كانت تواجهها الدول النفطية بشجاعة؛ ما عرَّضها لحملات من الغرب، استهدفت سمعتها. كما وصل انزعاج الدول المتقدمة من صلابة المفاوضين السعوديين إلى حد المطالبة باستبدال بعضهم، وبخاصة الأقوياء، ومحاولة اغتيال سمعتهم إعلاميًّا؛ فقاموا بتوظيف أدواتهم داخل المنظمات البيئية غير الحكومية لمهاجمة الدول النفطية ومفاوضيها ممن عرقلوا محاولات الغرب في فرض أهدافه المشبوهة".