"عذاب وسواد وغشيان للوجه".. أمثلة ورسائل قرآنية تبين خطورة البعد عن ذكر الله

في حلقة "سبق" الرمضانية الـ 19 من "هدايات قرآنية" مع الباحث "الذكري"
"عذاب وسواد وغشيان للوجه".. أمثلة ورسائل قرآنية تبين خطورة البعد عن ذكر الله

تناولت الآيات القرآنية حال أولئك الذين اعتادوا السيئات وممن اقترفوا المعاصي والذنوب بأنّ الله سيجازيهم على أفعالهم، وبيّنت أنها تُلاحق صاحبها في الدنيا قبل وعيد الآخرة، وأنهم فيها خالدون لا يموتون ولا يستريحون، كما تناولت الرسائل الإلهية حال من أشرقت وجوههم بنور الطاعات وكيف ينعمون نعيمًا لا يشقون بعده أبدًا.

"سبق" وعبر برنامجها الرمضاني "هدايات قرآنية"، تستضيف طوال الشهر الكريم، الباحث الشرعي في الدراسات القرآنية "محمد الذكري"، وتستنبط منه بعضًا من أسرار ومعجزات القرآن الكريم، وتُقدّمها للقارئ عبر سلسلة ومضات يومية لمختارات من بلاغات الإعجاز الإلهي في الأمثال القرآنية.

سيطرة العذاب

بدأ ضيفُ الحلقة "الذكري"، بقوله تعالى: "وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۖ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ". وقال الضيف: يُخبر الله تعالى عن حال أصحاب السيئات ممن اقترفوا المعاصي والذنوب بأنّ الله سيجازيهم على أفعالهم، وأنّ العذاب مسيطر عليهم ويلحقهم الصَغار والهوان حتى كأنّ وجوههم أُلبست سواداً من شدة تأثرهم بالعذاب والهوان.

وأضاف الباحث الشرعي في الدراسات القرآنية: من الفوائد حسن ترتيب الآيات في موضوعات فالقرآن مثاني، لمّا ذكر حال أهل السعداء، "لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" أعقبه بذكر الأشقياء، وكذلك عدل الله في مجازاته العاصين بسبب ذنوبهم واستحقاقهم العقوبة.

ضياء وسواد

وواصل حديثه: للمعاصي والذنوب آثار على صاحبها في الدنيا قبل الآخرة، قال تعالى: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى* قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا"، ويُظهر القرآن حال الفريقين ممن أطاع وعصا، "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون".

ونقل عن ابن عباس رضي الله عنه: "إن للحسنة ضياء في الوجه ونوراً في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القبر والقلب ووهناً في البدن ونقصاً في الرزق وبغضاً في قلوب الخلق"، ومن جميل تعليقات ابن القيم -رحمه الله- قوله: "ومن آثار المعاصي أنها: تمحق بركة العمر وبركة الرزق وبركة العلم وبركة العمل وبركة الطاعة وبالجملة تمحق بركة الدين والدنيا، فلا تجد أقل بركة في عمره ودينه ودنياه ممن عصى الله".

غشيان الوجه

وأردف "الذكري" بقوله: جاء التعبير بغشيان العذاب للوجه في قوله: "كأنّما أُغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً" فالوجه هو أشرف ما لدى الإنسان وهوانه هوان صاحبه، وفي الآية الأخرى: "تلفح وجوههم النار"، بالإضافة إلى قوله: "قطعاً من الليل مظلماً"؛ أفادت شدة تمكّن السواد فيهم، فعبّر بوصف وجوههم بالسواد الشديد كليل أشتدّ ظلامه فلا نجوم تنيره بل ظلام في ظلام، نسأل الله السلامة.⁠

طول البقاء

وختم الباحث الشرعي في الدراسات القرآنية، حديثه عن الفوائد من الأمثال في كتاب الله -جلَّ في عُلاه- عبر "سبق": لطول بقائهم في النار وخلودهم بها عُبر بـ"أصحاب النار"، وبئست الصحبة.

وأضاف "الذكري" في "خاتمته": جاء ضمير الشأن "هم" في قوله" هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"، وما أفاده توكيد خلودهم في حال سيئة "لا يموت فيها ولا يحيى"، فلا يموت ويستريح، ولا يحيا حياة طيبة تستحق أن تسمى حياة، وكذلك تمام العظات من هذا المثل من علم بقرب الرحيل استعد للقاء العظيم الجليل، فالأمر جدّ لا هزل فيه "وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۚ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org