كلنا نعلم تمام العلم أن السعودية دولة قوية، وفي عدة جوانب مختلفة؛ ولكن ما لم يكن أحد يتوقعه أو يراهن عليه -سوى القيادة الكريمة وقلة يعلمون حجم ولاء ووفاء هذا المجتمع العظيم- هو الولاء الشعبي وتمسكه بقيادته وأمن بلاده، وهذا ما أظهرته الأزمات التي مرت بها بلادنا؛ ففي عقد الثمانينيات الميلادي، يستذكر أغلبنا أو قرأ عن احتلال الحرم المكي الشريف، ووقف السعوديون صفاً واحداً مع بلادنا في حماية مقدساتها؛ مخيباً آمال من كان يتعشم في ثورة سعودية، في زمن كان أعداء ديننا وبلادنا يظنون أن تنعكس الثورة الإيرانية على شعب المملكة وقيادته. وفي التسعينيات الميلادية كانت محاولة صدام حسين غزو الكويت الحبيبة، وخروج عدد من العملاء الذين ظنوا أن الوقت قد حان لإثارة القلاقل في المملكة، وخيّب السعوديون ظنونهم القذرة بوقفة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه؛ لتأتي القنبلة في مطلع الألفية باتهام المملكة قيادةً وشعباً، بأنهم خلف إرهاب استهداف أبراج التجارة في نيويورك؛ لتصل لبلادنا التفجيرات الإرهابية وقتها؛ ولكن الشعب الوفي كان على الموعد واصطف خلف قيادته وحمى بلاده من شر كل عميل، وفي مطلع العقد الحالي بعث لنا المتربصون بعقيدتنا الصافية وبلادنا العزيزة، ما أسموه زوراً وبهتاناً "الربيع"، وكما هم دائماً، وقف السعوديون موقفاً بطولياً رافضين أن تطال الفتنة بلادهم وأهليهم، وفي العام الحالي دبر لبلادنا وقيادتها وشعبها خطة محكمة جداً، عبر أزمة "مقتل جمال خاشقجي" تعامل معها الشعب الوفي كعادتهم بذكاء وحنكة أفشلت المخططين وأخزتهم؛ الأمر الذي جعلهم حتى لحظة كتابة المقال في موقف ذهول مستمرين بخطط؛ لما قد أفشله السعوديون.
نعم للأزمات آثارها السيئة؛ ولكن للأزمات أيضاً جانبها الإيجابي؛ فما مرت به مملكتنا خلال الأزمة الحالية، أظهر قوة مخفية كانت تتمتع بها؛ هي "المغردون السعوديون"؛ فترسانة المغردين في "تويتر" والتي راهن عليها منذ بداية العقد الحالي عدة متربصون، ودفعوا أموالاً طائلة عليها، بشكل غير مباشر عادةً؛ جاءت عكسية ضد كل من يفكر في المساس ببلاد حباها الله بالحرمين الشريفين وقيادة حكيمة واعية، حتى أضحوا لوحدهم ودون ترتيب أو عمل منظم، خصوماً لحكومات وقيادات ومؤسسات إعلامية عريقة؛ بل لم تعد تلك الحكومات وقياداتها أو المؤسسات الإعلامية كفئاً لخصومتهم؛ فهم أشبه بمن ملكوا العالم يحركونه كيفما شاؤوا عبر أجهزة حاسب شخصية أو حتى أجهزة هاتف محمول.
العمل الكبير جداً، رغم عدم تهيئته أو التخطيط له، والذي هو اليوم قوة تملكها المملكة العربية السعودية فقط؛ أشبه ما يكون بتكرار أبناء وأحفاد مَن حاربوا مع الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه؛ لما قام به أسلافهم في توحيد المملكة، مع ابن المؤسس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وحفيده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بالحفاظ على وطن ورثوه عن آبائهم وأجدادهم؛ ليشكلوا -دون وجود إدارة أو قيادة أو ميزانية حتى- وزارة إعلام سعودية موازية لوزارة الإعلام الرسمية.
التقدير الذي لقيه المواطنون من قيادة هذه البلاد المباركة؛ يعني معنوياً الكثير بالنسبة لهم، وما تأكيد القيادة المستمر عليه إلا دليل؛ الأمر الذي يجعلنا كمواطنين نشعر أن كل ما نقدمه لبلادنا وولاة أمره ما هو إلا شيء قليل لبلد لا نستحق الحياة دون بقائها بخير، شامخة أمام أعداء لا يكلون ولا يملون عن الترصد لديننا وبلادنا ولنا شخصياً، ولن نكون أقل بأساً منهم كسعوديين في الدفاع عن عقيدة صافية وقيادة يفصل بين إنجازاتها إنجازات، ووطن لا يعترف إلا بلغة النجاح، مهما أساء لنا بعضنا جهلاً؛ إحساناً منا بالظن بهم.
بنهاية الأزمة الحالية، الوقت قد حان للاستفادة من الجيش الإلكتروني الذي تملكه بلادنا بشكل نظامي مهني واحترافي، لتغيير العمل إلى مرتب ومدروس، عوضاً عن الوضع الحالي الأكثر من رائع؛ رغم أنه بجهود فردية بحتة، والوقت قد حان أيضاً لتشكيل لجنة إلكترونية تُعنى بوسائل التواصل الاجتماعي بإدارة وعضوية شباب واعٍ وخبير؛ خاصة وأن حجم سيطرة السعوديين على شبكات التواصل الاجتماعي كبير جداً؛ بل أكبر مما نتصور أو يُخيّل لنا.