جاء الأمر الملكي الكريم بالموافقة على الترتيبات الهيكلية والتنظيمية المتصلة بمكافحة الفساد المالي والإداري؛ استكمالًا لمسيرة الدولة المباركة في صيانة وحماية أموالها وإداراتها، وتعزيزًا للنزاهة المالية والإدارية.
وأوضح الأستاذ المساعد بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز بالخرج المتخصص في الأنظمة الدكتور خالد مرزوق الذيابي، فيما يتعلق بالجوانب الإجرائية، أن هذا الأمر الملكي الكريم جاء بتوحيد الجهات المسؤولة عن مكافحة الفساد الإداري والمالي في هيئة واحدة "هيئة الرقابة ومكافحة الفساد"؛ حيث تتولى حزمة الأعمال الإجرائية المتعلقة بمكافحة الفساد الإداري والمالي ابتداء من إجراءات الاستدلال، ثم التحقيق ثم الادعاء الجنائي، ولا يخفى ما لتوحيد جهة الاختصاص من أثر في كفاءة وسرعة ومرونة العمل.
وقال: "الأمر الملكي الكريم جاء أيضًا بتعيين المحكمة المختصة مكانيًّا بالدعاوى المتصلة بالفساد المالي والإداري، وهي المحكمة المختصة ولائيًّا أو نوعًا بمدينة الرياض، وفي هذا منع لتشتت القضايا في محاكم عدة بسبب وجود المتهمين في مدن متفرقة، وفيه منع لحصول تنازع في الاختصاص المكاني بين المحاكم".
وأشار "الذيابي" إلى ما يتعلق بالجوانب الموضوعية في الأمر الملكي، بأنه جاء بتقرير عقوبةٍ تَبَعية وهي الفصل من الوظيفة في حال صدر من المحكمة المختصة حكم نهائي بإدانة أي موظف (ومَن في حكمه) بجريمة جنائية متصلة بالفساد المالي والإداري، وظاهر النص يشمل الموظف العام وموظف القطاع الخاص.
وفي جانب موضوعي آخر، قرر الأمر الملكي، جواز فصل الموظف العام (ومن في حكمه) بأمر ملكي بناء على اقتراح جوازي من رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (بعد أخذ رأي رئيس الجهاز الذي يتبع له الموظف)؛ وذلك إذا أسفر التحقيق مع الموظف العام (ومن في حكمه) عن وجود شبهات قوية تمسّ كرامة الوظيفة أو النزاهة؛ ولهذا أصل شرعي؛ وهو أن التهمة والشبهة القوية مُجيزة للتعزير، مع مراعاة أن فَصله بأمر ملكي لا يؤثر على استكمال الدعوى الجنائية بحقه.
وأضاف: "الأمر الملكي قرر حُكمًا وهو (نقل عبء الإثبات على الموظف العام ومَن في حكمه)؛ وذلك عند اجتماع عدة جوانب؛ منها: أن يطرأ على ثروته بعد توليه الوظيفة زيادة لا تتناسب مع دخله أو موارده، ووجود تحريات مالية عنه، كذلك أن تكون هذه التحريات نتج عنها قرائن بارتكابه جرائم فساد مالي أو إداري، وعند ذلك يجب عليه أن يثبت اكتسابه هذه الأموال بطرق مشروعة؛ فإن عجز عن ذلك تُحال نتائج التحريات المالية إلى وحدة التحقيق والادعاء الجنائي في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد؛ للتحقيق مع الموظف واتخاذ ما يلزم نظامًا".
وأردف "الذيابي": "نقل عبء الإثبات -والحالة ما ذكر- على الموظف العام ومن في حكمه مع أنه مدعى عليه في الحقيقة؛ لا يتعارض مع أصل براءة ذمته، وكون البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه؛ فقد قرر فقهاء الإسلام أن الظاهر إذا قَوِيَ عارض الأصل وأخرج عن البراءة الأصلية، وأصبح مَن شَهِد عليه الظاهر مدعيًا مطالبًا بالإثبات؛ ولا شك أن زيادة ثروة الموظف بعد توليه الوظيفة زيادة لا تتناسب مع دخله أو موارده قرينةٌ ظاهرة على وجود فساد مالي أو إداري".
وختم الأستاذ المساعد بجامعة الأمير سطام بالخرج، أنه في ظل هذا الأمر الملكي الكريم نحن موعودون -بإذن الله- بمستقبل يقضي على كافة صور الفساد المالي والإداري؛ مما يحفظ للدولة -بحول الله- قدراتها المالية والإدارية لتُواصل مسيرة الازدهار والنماء، وتحقيق رؤيتها الطموحة ٢٠٣٠.