أعرب ملك الأردن عبدالله الثاني بن حسين، في كلمته خلال افتتاح أعمال القمة، عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على جهوده الكبيرة في تحمّل مسؤولية الدورة السابقة للقمة العربية، وللرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على الكرم وحسن الاستضافة، وكذلك لأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط وكوادرها على ما بذلوه من جهود في خدمة العمل العربي المشترك، وعلى قرارات وتوصيات القمم السابقة.
وأكد أن القمة تنعقد اليوم وكثير من الصعاب والتحديات التي تعاني منها شعوبنا تستدعي من القادة العرب أن يكونوا عند مستوى طموحات شعوبهم، وقال: انتظروا منا قرارات تحقق آمالكم، وتؤكد وحدة مصيرنا ومستقبلنا المشترك.
وشدد ملك الأردن على أن الشعوب العربية وخاصة الشباب الذين يشكلون الغالبية يستحقون العمل من أجل غد أفضل، مشيراً إلى وجود عدة تحديات وطنية داخلية شغلت الحكام العرب عن الهم العربي المشترك، وهو ما يستدعي الانتقال من مرحلة مواجهة التحديات كل على حدة إلى التطبيق الحقيقي لمفهوم العمل العربي المشترك.
ورأى أن الأوان قد آن لقيادة المجتمعات العربية نحو الأمن والازدهار وأن التحديات وإن اختلفت فان المصير واحد، وأنه لا بد من الاتفاق على وحدة الأولويات والتحديات وأولها القضية الفلسطينية التي كانت، وستبقى الهم الأول الذي يشغل الوجدان العربي، مؤكداً أن الأساس في التعاطي معها لا بد أن يكون ضمن الثوابت العربية.
ودعا إلى أن تبقى القضية الفلسطينية القضية العربية المركزية الأولى، وأنه لا أمن ولا استقرار ولا ازدهار في المنطقة دون حل عادل ودائم يلبي طموحات الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك استناداً إلى حل الدولتين ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.
وتوقف العاهل الأردني عند الانتهاكات التي تعرّض لها القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها التي تهدف إلى تغيير تاريخ المدينة وهويتها، وقال: "انطلاقاً من وصايتنا الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها فإنني أؤكد أن الأردن مستمر بدوره التاريخي في حمايتها والدفاع عنها، ونؤكد على هذا المنبر أيضاً أهمية مواصلة دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا حتى تواصل تقديم خدمات أساسية للملايين من اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة".
وتعرض إلى التطورات الإيجابية في العراق، في ظل نجاح العملية السياسية وتشكيل الحكومة، معرباً عن أمله في توثيق العمل مع الأشقاء في العراق لدعم العلاقات الثنائية المتميزة وتحويلها إلى فرص وبرامج على أرض الواقع، ومساندتهم للحفاظ على ما حققوه من انتصارات ضد الإرهاب واستكمال مسيرة البناء ليستعيد العراق دوره المهم في العالم العربي.
وحول الأزمة السورية، أكد الملك عبدالله الثاني مواقف بلاده الثابتة بأنه لا بديل عن حل سياسي يحفظ وحدة سوريا أرضاً وشعباً، ويضمن عودة آمنة وطوعية للاجئين إلى وطنهم، مشيراً إلى أن الأردن احتضن نيابة عن المجتمع الدولي والمنطقة الأشقاء السوريين وشاركوهم لقمة العيش وستستمر في ذلك حتى يعودوا إلى وطنهم سالمين آمنين.
ونوّه في السياق بمساندة الدول المستضيفة للأشقاء اللاجئين، مؤكداً أن تمكينها من الاستمرار في هذا الواجب هو مسؤولية مشتركة، كما ذكر أن موقف بلاده بالنسبة إلى الجولان السوري المحتل لم تتغير، وتعد الجولان أرضاً سورية محتلة وفقاً لكل قرارات الشرعية الدولية.
وتطرق العاهل الأردني إلى معاناة جميع المجتمعات العربية من آفة الإرهاب، وقال: يسعى خوارج هذا العصر إلى تدمير نسيجنا الاجتماعي وتشويه هويتنا العربية والإسلامية الأصيلة وإرثنا القائم على الرحمة والتسامح وحرمة الروح الإنسانية.
وشدد مستدركاً على أنه رغم هزيمة "داعش" في العراق وسوريا، إلا أن خطره لم ينتهِ بعدُ، ولا بد من التصدي لهذا الفكر الظلامي بالعمل على منهج شمولي على المسارات الفكرية والتنموية.
وأكد، في ختام كلمته، أنه ليس بإمكان أي دولة منفردة أن تدافع عن مصالحها وتواجه الأطماع والتدخلات الخارجية وتنعم بازدهارها دون عمقها العربي، معرباً عن أمله الكبير في أن تمثل هذه القمة نقطة تحول إيجابية للخروج بمواقف موحدة ورؤى مشتركة تجابه التحديات التي تواجهها، وتستثمر الفرص؛ لأن التحدي المشترك لا تمكن مواجهته إلا بإرادة مشتركة.