أول مصنع وأفضل طريقة حفظ و"جصة".. "التمور في المملكة".. قصة لها تاريخ

بين صرم وجني بنى الأجداد علاقة وطيدة بـ"الجصة".. والنصائح لـ"الغذاء والدواء"
أول مصنع وأفضل طريقة حفظ و"جصة".. "التمور في المملكة".. قصة لها تاريخ

كان آباؤنا وأجدادنا عندما يصرمون النخيل ويجنون التمر، يأخذون من محصول التمور جزءاً كبيراً يعدونه لعملية التخزين "الكنيز" حتى يكون التمر متوافراً طوال العام، لأنه مصدر غذائي مهم لجميع قاطني الجزيرة العربية في ذلك الوقت.

وتستعرض "سبق" ذكريات حفظ التمور أيام زمان، وعلاقة الأجداد الوطيدة بـ"الجصة"، واهتمامهم بالمصدر الغذائي الأساسي لهم في تلك الفترة، كما تستقرئ تاريخ بدايات مصانع التمور في السعودية وأفضل الطرق لحفظ التمور وفق توجيهات "هيئة الدواء والغذاء".

عملية "كنز" التمر عن الأجداد

كان الأجداد يقومون بعملية "كنز" التمر، بأنفسهم في البيوت والمزارع قبل توافر مصانع تعبئة التمور، وأجهزة التبريد في الوقت الحاضر، إذ كانوا ينتقون التمور المكتملة نضجاً، التي تكون نسبة الرطوبة فيها قليلة، أي تميل قشرتها إلى الجفاف، لكي يتناسب مع "الكنز" والتخزين، وكانت السلج والخضري انواع مفضلة لدى أهالي مدينة الرياض قبل ٧٠ عاماً، مقارنة بمكانته في الوقت الحالي، الذي قل إقبال الناس على تناوله، سواء كان رطباً أم تمراً.

وتبدأ عملية الكنز بفرز التمر وتنقيته من الشوائب، ثم غسله بالماء بشكل سريع وخفيف، حتى لا يتضرر التمر، ثم ينشر في الهواء فترة زمنية قليلة، لا تتجاوز بضع دقائق، وبعدها يعبأ في أوانٍ كبيرة مهيأة للتمر على شكل قدور أو "تنك"، إذ يُرص التمر بداخلها بحيث يضاف تمر ثم يرص باليد في وسط الوعاء، ثم يضاف تمر ويرص باليد.

وهكذا تكرر العملية حتى يمتلئ الوعاء، ثم يغطى ويوضع فوقه أحمالاً ثقيلة من الحجارة ونحوها، ليتم "كنزه" بشكل جيد، حتى يصبح بعد فترة من الزمن، طرياً مستساغاً للأكل، وعلامة جاهزيته ظهور الدبس من التمر، وربما يوضع في التمر أثناء الكنز حبوب الشمر، التي تضفي نكهة محببة إلى بعضهم وذلك بحسب رغبة وذوق صاحب التمر.

"الجصة".. سبب التسمية والغرض

لا يكاد يخلو بيت من بيوت الأجداد من غرفة صغيرة تسمى الجصة، وسميت بذلك لأنها مطلية من داخلها بالجص لكي لا تؤثر جدران الغرفة الترابية في التمر وتعلق بها.

والجصة تبنى داخل البيت ولها باب صغير من الخشب، يوضع فيها التمر ويرش بالقليل من الماء ويرص، وغالباً ما تكون وسيلة الرص أو الضغط أقدام الصغار من الأولاد أو البنات، وكذلك أيدي الكبار بعد تغطيته بقطع مصنوعة من الحصير، ثم توضع عليه الأحجار الثقيلة لتثبيت عملية الضغط، ويحكم إغلاق هذه الغرفة المخزون بها التمر، كي يمنع الهواء من الدخول إليها.

وغرفة "الجصة"، تتسع في الغالب من 150 كيلوغرامًا إلى 800 كيلوغرام من التمر، وذلك بحسب اتساع الغرفة وحجمها، ولها فتحة صغيرة يخرج منها الدبس تسمى "مدبسة"، إذ يجمع الدبس الخارج من "الجصة" في وعاء، ويسكب على التمر مرة أخرى، حتى يمنحه طراوة ولمعانًا وطعماً شهيًا".

تاريخ تصنيع التمور في المملكة

بدأ قطاع تصنيع التمور بالمملكة العربية السعودية قبل ما يزيد عن 60 عاماً، حيث أنشئ أول مصنع لمعالجة وفرز وتعبئة وكبس التمور وهو "المصنع الأهلي النموذجي لتعبئة التمور بالمدينة المنورة" الذي بدأ إنتاجه في عام 1384هـ بطاقة إنتاجية تعادل 3 آلاف طن من التمور سنوياً.

وبعد ذلك تأسس مصنعان أحدهما "المصنع الوطني لتعبئة التمور بالمدينة المنورة"، وبدأ إنتاجه في عام 1388هـ بطاقة إنتاجية تعادل 300 طن من التمور سنوياً، والآخر مصنع "تمور وزارة الزراعة" الحكومي بالأحساء، وبدأ إنتاجه في عام 1402هـ بطاقة إنتاجية تعادل 21 ألف طن من التمور سنوياً، وخلال الفترة من عام 1402هـ إلى عام 1419هـ تم التصريح لـ 48 مصنعاً للتمور ومشتقاتها، وبنهاية عام 1429هـ وصل عدد مصانع التمور في المملكة 65 مصنعاً، وفي عام 1431هـ ارتفع عدد المصانع ليصل إلى 145 مصنعاً.

ويلعب تصنيع التمور دوراً رئيسًا في تحسين الكفاءة التسويقية للتمور، نظراً لما تقوم به المصانع الحديثة من دور في زيادة إقبال المستهلك على منتجات التمور عبر العمليات التصنيعية المختلفة واستخدام نظم التعبئة والتغليف الحديثة وفقاً للمواصفات وضبط الجودة النوعية المطلوبة.

"الغذاء والدواء" وأفضل طرق التخزين

أشارت هيئة الغذاء والدواء إلى أن أفضل طريقة يتم بها حفظ التمور هي التجميد، وذلك لفعالية هذه الطريقة في خفض الأحياء الدقيقة وخفض العمليات الحيوية والأكسدة للتمر، ويفضل أن يكون التجميد بأقل درجة حرارة ممكنة، مشيرة أن النشاط الأنزيمي خلال التجميد لا يتوقف، إذ يسبب زيادة النضج.

ولفتت إلى أن طريقة التبريد هي إحدى الطرق لحفظ التمر باستخدام عبوات تسهم في تقليل التعرض للرطوبة، مبينة أن مدة الحفظ في هذه الطريقة تصل إلى ثلاثة أشهر، كما تستخدم طريقة تجفيف التمور كإحدى طرق حفظه بهدف خفض الرطوبة لمنع نمو الأحياء الدقيقة وتصل فترة الحفظ إلى سنة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org