تعتبر المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية الركيزتين في العالمين العربي والإسلامي، من خلال تعاونهما المشترك وتنسيقهما المستمر، من أجل حماية المكتسبات العربية الإسلامية، وقيادة المنطقة إلى بر الأمان، بعيداً عن المخاطر والتحديات التي تتربص بها.
وتأتي زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى جمهورية مصر العربية اليوم (الثلاثاء)، امتداداً لحرص القيادة الرشيدة على تطوير العمل العربي المشترك، بما يخدم أهداف المملكة السياسية والاقتصادية والتنموية، ويسهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.
وللزيارة أهميتها الخاصة، حيث تراقب نتائجها دول العالم والمنظمات الدولية عن كثب، وتتجسد هذه الأهمية في تزامن الزيارة مع ما تشهده المنطقة من تصعيد مستمر للعمليات العسكرية في قطاع غزة ولبنان، فضلاً عن التصعيد بين إسرائيل وإيران، وهو ما يدفع المملكة إلى التنسيق الدائم مع مصر بتناغم كامل، ضمن اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، للتحرك دولياً لوقف الحرب على غزة والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة، لتحقيق السلام الدائم، فضلاً عن تخفيف حدة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وتجنيبها اندلاع حرب شاملة، تدخل فيها دول عدة، وهو الأمر الذي لطالما حذرت منه الرياض في مناسبات مختلفة، ورأت أنه من الضروري التنسيق مع القاهرة، مع استثمار علاقات البلدين الدبلوماسية والسياسية لوقف الاحتقان في المنطقة، والضغط على إسرائيل لوقف المجازر في غزة وجنوب لبنان.
وسبقت هذه الزيارة، اجتماعات ومشاورات بين مسؤولي البلدين على أعلى المستويات، تناولت الكثير من الملفات المهمة والساخنة، وركزت هذه الاجتماعات على بحث التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، وآليات التعامل مع هذه الملفات، فضلاً عن تحديد دور المملكة ومصر في حل القضايا المختلفة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، على ضوء الحرب الدائرة منذ عام في قطاع غزة وحماس، فضلاً عن الحرب في الجنوب اللبناني.
وسبق أن تصدت المملكة ومصر للكثير من المخاطر التي تربصت بالمنطقة، من خلال سياسات هادئة وحكيمة ومتزنة، جنبت المنطقة الكثير من التهديدات والأخطار، وما كان للبلدين أن تصلا إلى هذا المستوى من التنسيق والتحالف والترابط والتفاهم، لولا عمق العلاقات بينهما وتجذرها على مر التاريخ، وإداركهما بوحدة المصير المشترك، ودورهما المحوري في المنطقة تجاه الدول العربية والإسلامية التي تنظر إلى الرياض والقاهرة على أنهما أكبر دولتين في المنطقة، وعليهما تقع قيادة المنطقة وحمايتها من المخاطر.
ولن تقتصر زيارة سمو ولي العهد إلى مصر على الملفات السياسية التي تشغل المنطقة والعالم، فسيكون جزء منها خاص بتطوير علاقات البلدين اقتصادياً، إذ ينتظر أن تسهم الزيارة في الارتقاء بالعمل المشترك مع مصر، وفتح آفاق الشراكة والتعاون معها في مختلف المجالات، وتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين، وتعزيز وتحفيز الاستثمار المشترك، وتنمية التبادل التجاري.
وتدرك مصر الثقل الاقتصادي للمملكة، وملامح انطلاقتها السريعة والقوية في جميع المجالات، تحت مظلة رؤية 2030، الأمر الذي يعزز اهتمام القاهرة بتطوير شراكاتها مع الرياض، والمشاركة في مشاريع الرؤية بشكل أو بآخر، وهو الأمر الذي ترحب به المملكة، وترى أنه يندرج ضمن خطط توثيق العلاقات بين البلدين الشقيقين.