مرّ بيت الطائـف عبر التاريخ بمراحل تطور شتى، من حيث الاستخدام في مادة البناء ومساحة المنزل وتقسيمه، ومعايير الأساليب المستخدمة للعمارة، بما يتماشى مع حاجات إنسان الطائف، وبما يحقق له الفعالية والكفاءة والاستدامة، التي أسهمت في التطور العمراني على مستوى بيئته المحيطة وما عادت به من فوائد اجتماعية واقتصادية بدءًا من الطين إلى الحجر ومن ثم حداثة البناء الأسمنتية.
وسعى أصحاب المنازل بالطائف إلى تشييدها بالموارد الأولية من الطبيعة، فانطلقت البناية بالبيت الصغير باستخدام الطين أو الحجر أو الجص بكل أشكاله وألوانه، ولكن سرعان ما دعت الحاجة إلى إيجاد مواد أفضل لبناء وذات قدرة أكبر على التحمل في عصر العولمة.
لقد بدأت بيوت الطائف من أعمدة أشجار العرعر والعتم إلى استخدام الحجر المرصوص والصلب من البيئة المحيطة، ومن ثم تلاها استخدام المواد المقوية كالحديد، مما جعل التنوع العمراني بها أكثر قدرةً على التحمل والمتانة، ومن ثم تم إدخال المواد الخرسانية والأسمنتية في البناء كمادة أساسية ليشهد الحراك العمراني في الطائف حينها تطورًا في العمران بشكل سريع جدًا، منتجًا معه أجمل المباني المزينة بحجر الرياض، التي اتخذت في الطائف وبيئته تفاصيل جذابة ونوعية.
وأكد المصمم المعماري المهندس صالح المطيري أن العمارة التقليدية تجلّت في الطائف، وامتزجت في زخارفها بالماضي والحاضر، حيث ظهرت شكلًا ونوعًا في طابعها الأصيل الذي يعكس التراث العمراني المليء بالزخارف ذات التصميم الفريد من حيث البلكونات أو الشُّرفات، التي تصدرت مكانتها في الدور الأرضي والدور الأول، واتخذ فيه الزجاج الملون والقرميد الأخضر وحجر الرياض مع القرانيت للواجهات الأمامية، والشبابيك الطويلة مع المزخرفة بالألمنيوم، شكلًا جماليًا متفردًا.
وتابع: نجد ومع التطور العمراني والبناء الحديث ما زالت حتى الآن أحدث المنازل والمباني السكنية تحافظ على نمط المكان والزمان، ومزج حجر الرياض مع العمارة التقليدية الحجازية، الذي بدأ منذ 1975م، إذ ترمز هذه الزخرفة في ذاك الوقت إلى الرقي والتميز، حيث كان المنزل يضم في تفاصيله الداخلية أجزاء رئيسية للعائلة كالصالة، التي أوجدت روح الاجتماع والألفة بين أفراد البيت ويقضون فيها معظم وقتهم، إضافة إلى مجلس الرجال ومجلس النساء والمقلط والمعروف بأنه (مقر وقت المعيشة للضيوف).
وأوضح المهندس المطيري أن الطائف تتمتع ببنى تحتية راقية تشمل القصور سواء التاريخية أو الحديثة، التي دمجت فيها ملامح حجر الرياض مع العمارة الحجازية، واعتمدت في هويتها الخارجية على زخارف جصية وحجرية فنية مميزة، ومنحوتات خشبية، تحيطها البساتين الغناء وتجملها برك المياه على واجهات القصور التي شيدت من الأحجار المحلية والأخشاب والنورة والبطحاء.
وأفاد بأن قصور الطائف مثل قصر جبرة والكاتب والكعكي والقصر الحديدي اشتهرت بنمطها المعماري الفريد وتصميمها اللافت ونقوشها الدقيقة، مما جسد فنون العمارة المحلية السائدة، وقدرة الإنسان على الإبداع، مشيرًا إلى أن هذه التصاميم عكست مدى التطور الجلي لمجتمع الطائف منذ وقت مضى، وذلك من خلال البيوت البسيطة في العصور القديمة إلى التصاميم العصرية والفاخرة في يومنا هذا، وتطعيمها ببعض الأشكال الحديثة في العمارة التقليدية الخاصة بحجر الرياض، والذي يعد جزءًا لا يتجزأ من التراث المعماري والثقافة السعودية التي سادت في عصرها، وحافظت على الذكريات وروح التقليدية في ظل التطور الحضري العمراني.
وأبان المطيري أن دخول حجر الرياض إلى الطائف يعود بسبب موقعها الجغرافي وقربها من مكة المكرمة، وكونها بوابة عبور لمسافري الرياض إلى الغربية أو الجنوب، وأيضًا لما تملكه الطائف من جمال الطبيعة وحسن المناخ والبيئة، لتجعل منها مصيفًا مميزًا ومحل جذب للعائلات السعودية بالتملك السكني في الطائف وتعزيز قدراتها التنموية الاقتصادية.