تحتلُّ الثورة الجزائرية ركنًا أساسيًّا في التكوين النفسي والمعنوي للشخصية الجزائرية، منذ انطلاق الثورة في مطلع نوفمبر 1954، وطوال سنوات كفاحها الثماني حتى الانتصار على المحتلّ الفرنسي وإعلان الاستقلال عام 1962، وإلى الآن، وللمكانة التي تحتلها الثورة الجزائرية في نفوس الجزائريين الذين ضحَّوا بأكثر من مليون ونصف المليون من الشهداء من أجل تحرير بلادهم والانعتاق من ربقة المحتل الغاشم، الذي جثم على صدورهم منذ عام 1830، فإنهم يعتزّون أيّما اعتزاز بكل الدول والقادة والمسؤولين الذين ساعدوهم ودعموا تحررهم.
وتتصدّر السعودية الدول التي دعمت الثورة الجزائرية؛ إذ دعمتها بمليار فرانك فرنسي عام 1957، ومليار فرانك فرنسي آخر عند انتصارها، وحملت القضية الجزائرية إلى المحافل الدولية، وأدرجتها ضمن قضايا مجلس الأمن بعد أن كانت رهينة لوجهة نظر فرنسا، التي كانت تخدع العالم وتوهمه بأنها قضية تمرد داخلي يفتقر للسمة الدولية، كما قطعت علاقاتها الدبلوماسية بفرنسا مشترطة إعادتها بخروجها من الجزائر.
ومن القادة السعوديين الذين لا يمكن أن ينسى الجزائريون أدوارهم الحاسمة والمؤثرة في دعم ثورتهم: الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رأس اللجنة الرئيسة لجمع التبرعات للجزائر عام 1956، وتحتفظ سجلات التاريخ وأرشيف الصحف بالكثير من فعاليات هذه اللجنة السعودية الداعمة لمواطني الجزائر، ومنها النداء الإغاثي الذي وجهه الملك سلمان -وكان حينها أميرًا للرياض- خلال أسبوع جمع التبرعات للجزائر في منطقة الرياض، قائلًا: "أيها المواطنون: لستم بحاجة إلى أن أذكركم بهذا، وإلى أن ألفت انتباهكم إلى ما خلفته هذه الحرب غير المتكافئة من عشرات الآلاف ممن يعانون مرارة الفاقة والبؤس والشقاء.. أرامل وأطفال وعجائز أصبحت دون مأوى ومأكل وملبس.. مشردين ومقعدين ينتظرون الغوث والرحمة، ومصابين يئنُّون من جراحهم ويتألمون ويشكون إلى الله، ثم إليكم".
ومما ورد في ذلك النداء الذي نشرته إحدى الصحف السعودية قول الملك سلمان للمواطنين السعوديين: "لقد صدرت الأوامر الكريمة بتخصيص أسبوع للجزائر، يبتدئ في يوم 15/10/ 1379هـ، واتخذت الترتيبات لجمع التبرعات التي تجودون بها وفقاً لقرار سمو رئيس مجلس الوزراء 20151 وتاريخ 28/ 9/ 1379هـ فلنا لكل مدعو لداعي الخير بما تجود به نفسه نقودًا أو كساءً أو منقولًا وحليًّا، مهما كان هذا الشيء قليلًا أو كثيرًا، فالقليل في الكثير كثير، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا".