عقدت الجمعيةُ السعودية لطب الأسرة والمجتمع، مؤتمرًا بالتزامن مع "اليوم العالمي للسكري" المقام سنويًّا يوم 14 نوفمبر؛ وذلك للتوعية بمخاطر المرض، وعرض آخر التحديثات الخاصة بمراقبة السكر من ناحية، وأحدث الحلول العلاجية من ناحية أخرى. اشتمل المؤتمر على محاضرات توعوية بحضور عدد من الصحفيين ممثّلين عن عدد من الصحف والمجلات السعودية.
ولا يعدُّ داءُ السكري مجردَ اضطراب في مستوى السكر بالدم، بل هو تحدٍّ معقد يواجه مجتمعاتنا، واقتصاداتنا، ونُظُمنا الصحية، كما يُعَدُّ سببًا رئيسيًّا للعديد من المضاعفات الخطيرة التي قد تصل إلى درجة الإعاقة أو حتى الوفاة؛ مثل أمراض القلب والكلى، وفقدان البصر، وأمراض الأعصاب. ومن هنا تأتي أهمية "اليوم العالمي للسكري" الذي يحتفل به العالم في الرابع عشر من نوفمبر من كل عام، وذلك بهدف تسليط الضوء على مخاطر المرض.
وأشار الأستاذ الدكتور سعود السفري، رئيس الجمعية العلمية السعودية لداء السكري، في محاضرته، إلى أن الخطورة الكبرى للسكري تكمن في أن مضاعفاته لا تقتصر فقط على مستوى الضرر الذي يمكن أن يُحدثه على مدى قصير، لكنها تتعدّى ذلك إلى مخاطر طويلة الأمد قد تؤثر على جودة حياة المريض وصحته بشكل عام، وتتطلّب هذه المضاعفاتُ رعايةً طبية مستمرّة، وقد تحتاج إلى تدخلات علاجية متخصصة؛ ومنها مضاعفات القلب والأوعية الدموية مثل الذبحة الصدرية، والنوبة القلبية، والسكتة الدماغية، والاعتلال الكلوي السكري الذي قد ينتهي بالفشل الكلوي، والاعتلال العصبي السكري، ومشاكل العيون والبصر التي من الممكن أن تصل إلى فقدان البصر، وغيرها من المضاعفات الجسمانية والنفسية الأخرى.
وأضاف "د. سعود": أن نمط الحياة لمرضى السكري يتأثّر بعدة عوامل تشمل: السيطرة على مستويات السكر في الدم، والأعراض الجانبية للأدوية، والمضاعفات المحتملة للمرض؛ ولذلك فإن التطورات الحديثة تهدف إلى تحسين هذه العوامل من خلال استخدام أجهزة المراقبة المستمرّة للجلوكوز وأنظمة مراقبة السكر بدون وخز، والتي تقلّل من التدخلات اليومية والشعور بالقلق المرتبط بالمراقبة المستمرة.
يأتي ذلك بالإضافة إلى أن استخدام الأنسولين الذكي وأنظمة الضخ المتكاملة مع أجهزة المراقبة، تحسّن من التحكم في مستويات الجلوكوز، وتقلّل من الأخطاء البشرية بشكل كبير؛ مما ينعكس بشكل إيجابي على حياة مريض السكري، كما توجد الآن الأدوية الجديدة التي تعمل على تحسين حساسية الأنسولين وإدارة الوزن، والتي تساعد في التحكم بالمرض وتخفيف العبء النفسي والجسدي.
ومن جانبه تطرّق الدكتور فهد السبعان، استشاري الغدد الصماء بمدينة الأمير سلطان الطبية بالرياض، إلى المبادئ الأساسية لعلاج مرض السكري. وأوضح أنه مع تقدم العلم والتكنولوجيا، تطورت أساليب إدارة داء السكري بشكل ملحوظ؛ مما وفّر خيارات أكثر للمرضى والمختصّين للتحكم في المرض بفاعلية أكبر. ويعدُّ استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحليل البيانات الصحية، وتوفير رؤى تنبؤية يمكن أن تساعد في التحكم الشخصي والمبكر للمرض، كما شدد على أهمية استخدام المنصات الرقمية لتقديم التعليم المستمر والدعم للمرضى، بما في ذلك تطبيقات المحمول، والألعاب الصحية، ومجتمعات الدعم عبر الإنترنت.
ومع التطورات الحديثة في علاج داء السكري، ظهرت مفاهيم جديدة لتسهيل إدارة الأنسولين؛ ومن أبرز هذه الابتكارات: تطوير الأنسولين طويل المفعول الذي يُعطى مرة واحدة أسبوعيًّا، وكذلك استخدام الأدوية الحديثة مثل أشباه الببتيد المشابه للجلوكاجون النوع 1، والتي تحاكي عمل الهرمونات الطبيعية في الجسم التي تُفرز استجابةً لتناول الطعام، والتي تُستخدم لعلاج داء السكري من النوع الثاني.
وشدد "د. السبعان" على أهمية التركيز على النظام الغذائي الشخصي، خاصة النظم الغذائية المنخفضة الكربوهيدرات، والنشاط البدني المنتظم؛ لدورها الكبير في التحكم بالسكري، واستخدام التطبيقات التي تساعد المرضى على تتبع مستويات السكر في الدم، والنظام الغذائي، والنشاط البدني، وحتى التحكم في مستويات التوتر؛ كل هذا يساهم في إدارة أفضل لداء السكري.
كما أكد "د. فهد" على ضرورة توعية مرضى السكري بأنهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية، بما في ذلك التهابات الجهاز التنفسي مثل المكورات الرئوية، وكوفيد-19، والفيروس المخلوي التنفسي، ولكن يمكنهم حماية أنفسهم بأخذ التطعيمات مثل الأنفلونزا، وكوفيد، والمكورات الرئوية، والتطعيمات الأخرى؛ وذلك حسب إرشادات وزارة الصحة، ويمكن لمرضى السكري التوجه لأي عيادة رعاية أولية للحصول على التطعيمات.
وأضاف: أن مرضى السكري من الأشخاص المعرضة للإصابة بمضاعفات خطيرة إذا أصيبوا بعدوى كوفيد-19؛ فمن المهم اتباع الخطوات التالية لحماية أنفسهم: اعرف، خطط، ابدأ. اعرف إذا كنت أنت أو أي شخص في مجتمعك يعاني من مرض مزمن مثل السكري. وخطط بسرعة لأخذ الإجراءات اللازمة إذا كنت تعاني من أحد أعراض كوفيد، ويفضل أخذ الفحص الذاتي لمعرفة إذا تمت الإصابة بكوفيد-19، وابدأ بنشر التوعية واستشارة الطبيب، كما يجب أن تبدأ بعلاج كوفيد -19 باتباع إرشادات وزارة الصحة.