يُعدُّ الجمهور المستهدف من أوائل ما يتم الاهتمام به في بناء الخطابات والمضامين الإعلامية؛ فهو من تُصنع له الرسالة، ولا يمكن الاستفادة من تلك الصناعة إلا بمعرفة مَن سيستهلك ما يقدم له، بل ضمان استهلاكه لما سيقدَّم؛ ليتم حصد النجاح، وتتوالى المنتجات.
ومعرفة الجمهور تلك لا تعني بناء الرسالة التي تهمه فقط؛ فمع تلك المعرفة يكون هناك اهتمام بالاتصال ذاته، وتحديد الإطار الدلالي المشترك بين المصدر والمستقبل؛ ليتم استخدامه عند بناء الرسالة.. فوجود الإطار المشترك يسهل وصول المضمون بالطريقة التي يراد له أن يصل بها، ومن الممكن أن يحدث العكس حينما لا يتم الاهتمام به؛ فقد يكون للرسالة أثر لم يتم التنبؤ به أو توقعه؛ إذ إن عدم الاهتمام بالأطر المشتركة يمثل النزول في منحدر قد ينجو فيه صاحب الرسالة وينجح، ومن الممكن أن يهلك ويفقد قيمته وثقة جمهوره.
حتى النكتة التي يلقيها المرء لن تلقى صدى وقبولاً إن لم تكن تحمل دلالات مشتركة بين متلقيها!
والإطار الدلالي المشترك ليس بالضرورة أن يكون لغة واحدة، بل يتمثل في سياقات عدة: اجتماعية وثقافية ومعرفية، جميعها تيسر الاتصال بأشكاله كافة، وتضمن الفهم، وتمنح فرصة لخلق مساحات للحوار.
وجود الأطر المشتركة ضرورة لا غنى للمرء عنها في حياته باختلاف مراحلها ومواقفها وظروفها؛ فهي التي تضمن له فهم الآخرين له، وتجاوبهم معه.
ولا يمكن أن يعيش المرء في بيئة لا تربطه بأفرادها أشياء مشتركة، وإن حدث فسيحاول فهم وإدراك ما حوله كشكل من أشكال التكيف؛ ليتمكن من العيش كما يحب؛ لذا حينما تعدم الأطر يلجأ المرء لخلقها، ومحاولة إيجادها؛ فهي سبيل من سبل النجاة، وطريق آمن، يسهم في إنقاذ سالكه؛ لذا يشكل في أساسه بوصلة لا تخطئ الاتجاه، ترشد مستخدمها إلى حياة أفضل.