ارتبطت الخيل بحياة العرب ارتباطًا وثيقًا والتصقت محبتها بقلوبهم ولها قيمة عظيمة يشهد بها التراث العربي حيث عقد بنواصيها الخير إلى يوم القيامة، ولذا استمر حضورها الجميل في تاريخ الجزيرة العربية الذي حفظ أسماءها وسلالاتها وفرسانها، وخلّد الشعر العربي أوصافها وأفعالها، كما أن تأسيس الدولة السعودية في أدوارها الثلاثة لم ينفك عن الخيل والفروسية ولذا امتطى صهوتها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في توحيد أرجاء البلاد، ولقيت كل الاهتمام في العهد السعودي.
وترسخ حب الإنسان العربي لهذا الكائن الحي الجميل الذي ارتبط به منذ قدم التاريخ، ولذا لا يستغرب اهتمام الملك المؤسِّس الفائق بالخيول العربية، وأسَّس لها ديوانًا كاملًا من أجل العناية والاهتمام بها، وكانت خيوله من أجود الخيول العربية، حيث كان إسطبل خيوله من أكبر الإسطبلات على مستوى الجزيرة العربية.
وأكدت "دارة الملك عبدالعزيز"، على المكانة التي تشكلها الخيل العربية، وأصالتها في تاريخ المملكة العربية السعودية، وقبل توحيدها، مشيرة إلى أن تاريخ الخيل العربي يعود لنحو 5000 سنة؛ حيث بدأ العرب في تربية الخيول وتحسينها والمحافظة على أصالتها، وهيأت الفتوحات الإسلامية وموجات الهجرات العربية الظروف الملائمة لانتقال الخيل العربي الأصيل من بيئته الأساسية في جزيرة العرب إلى إفريقيا وأوروبا وأجزاء من قارة آسيا.
وأبرزت مكانة الخيل وتصدرها الشعر الجاهلي، كما أتى القرآن الكريم في أكثر من موقع على ذكر الخيل، وكانت القوة الضاربة التي أسهمت بفاعلية، وعلى صهوتها الفارس العربي في نشر الدين الإسلامي إلى كل الأصقاع، إضافة إلى مكانة الخيل العربية فإن الإنسان العربي ابن صحراء الجزيرة العربية نال شهرة فائقة كفارس ماهر يحب الخيل والخيل تحبه.
وطرحت دارة الملك عبدالعزيز، في هذا الصدد وإيمانًا منها بتوثيق تاريخ الخيل العربية الأصيلة، كتاب "سهيل فيما جاء في ذكر الخيل" تأليف الشيخ عثمان بن عبدالله بن بشر؛ تحقيق الدكتور عبدالله بن عبدالرحيم عسيلان؛ حيث تنبع أهمية الكتاب من مؤلفه الذي يعد أحد أبرز مؤرخي نجد، إلى جانب أنه يبرز العناية التي تلقاها الخيل العربية الأصيلة من حكام الدولة السعودية واهتمامهم بها استجابة للأحاديث النبوية الكريمة التي تحث على ذلك، وليس غريبًا أن نجد ابن بشر؛ يفرد مؤلفًا خاصًّا بالخيل لكونها جزءًا من تاريخنا وتراثنا.
كما عرضت "الدارة" على منصاتها الرسمية مجموعة من الصور والوثائق التي تبرز اهتمام الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بالخيل العربية الأصيلة، والمصادر المهمة والمعلومات حول الخيل، لما تمثله من تراث أصيل يعد من تاريخ المملكة العربية السعودية، مبينة اهتمام العرب بخيولهم وحرصهم على ألا تختلط دماؤها بدماء غيرها من الخيول المهجنة، وحافظوا على أنسابها، فذكروا مرابطها وأصولها.
ونقلت دارة الملك عبدالعزيز عن جاكلين بيرين؛ في كتابها "اكتشاف جزيرة العرب"، قولها: "كانت الأرض العربية في نظر الأوروبيين مهدًا لأقدام جنس بشري، ومهدًا لأكمل سلالات الخيول وأجملها على سطح الأرض، إنها مشهورة بخيلها مثلما اشتهرت ببنيها"، في حين تحتفظ الدارة بمخطوط في أنساب الخيول العربية بطلب من الإمام فيصل بن تركي؛ الذي يجسّد عمق التلاحم بين الخيل وابن الجزيرة العربية.