وهب الله المملكة العربية السعودية وشعبها خيرات كثيرة، جعلت منها دولة غنية، يتمتع أهلها برغد العيش وبحبوحته جيلاً بعد جيل. وبقدر الخير الموجود في السعودية بقدر العطاء الذي خصصه طواعية ولاة أمر البلاد للفقراء والمحتاجين حول العالم، في مشهد إنساني لا مثيل له على كوكب الأرض؛ وهو ما يؤكد ويرسخ أن السعودية بلد الخير والعطاء والكرم الحاتمي والمواقف النبيلة، ليس مع شعبها فحسب، وإنما مع جميع شعوب المعمورة، ولا ترجو من هذا الخير سوى ثواب الله وعفوه وغفرانه.
وإذا كان للخير السعودي عابر الحدود مسار غير رسمي، تغذيه مؤسسات ومواطنون يبادرون بدعم الفقراء والمحتاجين في أقطاب الأرض، فإن المسار الرسمي الذي يمثله مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية قد بلغ اليوم حدًّا من الذيوع والانتشار، ومعه التقدير والاحترام، بات معه المركز بمنزلة أيقونة للعطاء الإنساني والتكافل الاجتماعي، والتلاحم بين البشر في عالمنا، هذا الصندوق رفع شعار (الخير للعالم) بصرف النظر عن الدين واللون والعرق والمذهب. ولم يكن للمركز هذا الانتشار لولا أن تأسيسه جاء انطلاقًا من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف التي توجب إغاثة الملهوف، ومساعدة المحتاج، والمحافظة على حياة الإنسان وكرامته وصحته امتدادًا للدور الإنساني للمملكة ورسالتها العالمية في هذا المجال.
وطيلة السنوات الماضية نجح مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في ترسيخ القيم الوطنية والإنسانية، التي أرساها المؤسس الملك عبد العزيز منذ تأسيس السعودية، ومن بعده جاء أبناؤه الملوك، وصولاً إلى الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي في عهده أصبح المركز المؤسسة الوطنية الوحيدة التي تتولى مهام تقديم الخير لمستحقيه بطرق مؤسسية ممنهجة، بعيدًا عن المزاجية والفردية.
ويبقى الجميل والرائع في آلية عمل المركز أن السعودية لا تنتظر أن تطلب الدول الشقيقة أو الصديقة المساعدة والدعم؛ فهي التي تبادر بتقديم الخير بكميات كبيرة لمن يحتاج إليها. فعلى مدار عقود مضت والسعودية تمد أيادي الخير والعطاء لأشقائها المتضررين في مختلف دول العالم انطلاقًا من كونها عضوًا فاعلاً في المجتمع الدولي وقلبًا نابضًا للعالم الإسلامي.
وتتعاظم إنجازات المركز يومًا بعد آخر، من خلال مشاريع ومبادرات خيرية نوعية، تشمل مسارات عدة، برأسمال يبلغ مليار ريال، فدشن المشروعات التنموية والصحية والأمن الغذائي والتعافي المبكر، ومشاريع المياه والإصحاح البيئي والإيواء والعمليات الإنسانية والحماية والاتصالات والطوارئ والخدمات اللوجستية في مختلف أرجاء المعمورة.
ورغم عطاءات المركز اللامحدودة التي طالت الدول الفقيرة حول العالم إلا أننا لا ننسى امتدادات العطاء الإنساني للمركز تجاه الأشقاء؛ إذ أسهم في تخفيف معاناة الشعبين اليمني والسوري من جراء ما يعانيان من حروب واضطرابات، كما امتدت يد المساعدة إلى الأشقاء في الصومال. كما لا ننسى ما نفذه المركز من حملات طبية تطوعية، شملت في عام واحد (2019) 14 دولة حول العالم، ضمت اليمن، والأردن، والمغرب، وجزر القمر، وإريتريا، والكاميرون، وموريتانيا، والنيجر، وبنجلاديش، ونيجيريا، وباكستان، والسودان، وتنزانيا، والسنغال، بمشاركة 228 متطوعًا، أُجريت فيها 9،342 عملية جراحية مختلفة، إضافة إلى صرف 21،521 نظارة طبية، وتقديم وصفات وعلاجات متنوعة، استفاد منها 74،403 أفراد.
هذا العطاء المتدفق لا يستطيعه إلا بلد مثل المملكة العربية السعودية، التي سيبقى الخير فيها قائمًا، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها.. وهنا أرسل تحية تقدير إلى المملكة العربية السعودية وقيادتها، وتحية أخرى إلى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي أصبح محطة الخير الإنساني في كوكبنا.