بعد 10 أيام من الجريان المتواصل احتضن نفود الثويرات بالقصيم وادي الرمة، الملقب بـ"شيخ أودية السعودية"، الذي شكّل مناظر طبيعية خلابة، تحكي الأنهار الجارية خلال جريانه طيلة الأيام الماضية قاطعًا أكثر من 600 كلم.
واستبشر أهل القصيم بجريان الوادي، واستعدوا خلال الأيام الماضية لاستقباله لحظة وصوله المنطقة، بعد أن أسهمت الحالة المطرية الأخيرة في جريانه.
المصور محمد الجويسر رصد جريان الوادي في لقطات جمالية خلابة، وخص بها متابعي "سبق".
ويُعد وادي الرمة من أشهر الأودية في جزيرة العرب، ويُعتبر أعظم أودية الجزيرة من حيث الطول والاتساع وكثرة الفروع. ويبدأ الوادي من حرة اثنين إلى الشرق من المدينة المنورة، ثم يمتد إلى الشمال الشرقي من السعودية، ويعدل مساره شرقًا، ويأخذ الاتجاه الجنوبي الشرقي فالشمال الشرقي حتى يصل إلى حدود نفود الثويرات، ويواصل سيره في الاتجاه نفسه حتى يصل إلى صحراء الدهناء التي تختفي تحت رمالها المتحركة بعض أجزاء الوادي، لكنها تعاود الظهور حال جريان المياه؛ ليأخذ الوادي منها تسمية "الباطن" التي تعني الخفي وغير الواضح.
وبعد الدهناء يواصل الوادي مسيره باتجاه الشمال الشرقي مارًّا بعدد من القرى حتى يصل مدينة حفر الباطن، التي يجتازها من الوسط حتى يخرج من شمالها، ويتجه شرقًا من خلال هضبة الدبدبة إلى مدينة الرقعي، ثم يتابع طريقه في محاذاة الحد الغربي والشمالي للحدود الكويتية - العراقية حتى ينتهي في أرض منخفضة واقعة غرب مدينة "الزبير" العراقية؛ ليصب في شط العرب.
ومع مرور الزمن تسبَّبت الرمال الزاحفة في تقسيم وادي الرمة إلى 3 أجزاء. يقول عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم سابقًا الدكتور عبدالله المسند: "وادي الرمة كان في العصور المطيرة نهرًا عظيمًا، يجري من شرق المدينة، ويصب في شط العرب قريبًا من جبل سنام عبر واديَي الأجردي والباطن، بطول يصل إلى 1200كم تقريبًا. وبعد عصور الجفاف الطويلة انفصل واديا الأجردي والباطن عن وادي الرمة الأصل، وأصبحا واديَين مستقلَين بسبب نشاط زحف وحركة رمال الثويرات والدهناء، التي أدت إلى قطع مجرى الوادي إلى ثلاثة أجزاء: الرمة وهو الأطول والأكبر بـ600 كم، الأجردي وهو الأصغر بـ45كم، وأخيرًا الباطن بـ450كم".
أضاف: "حوض الرمة يبدأ غربًا من حرة خيبر حيث تجتمع عشرات الأودية الصغيرة والمراوح الفيضية؛ لتشكل أعالي مجرى الوادي. ويكون اتجاه الرمة إلى الجنوب الشرقي حتى يتصل به رافد الجرير من الجنوب فيتغير اتجاهه مرة ثانية إلى الشمال الشرقي متبعًا المنخفضات والسهول. وبصفة عامة، يتبع جريانه ميلان أرض نجد من الغرب إلى الشرق".
وتابع "المسند": "يميل منسوب الوادي من الغرب إلى الشرق ميلانًا ضعيفًا، وبمعدل 1.3م في كل 1كم، ويبلغ ارتفاعه عند أعالي الرمة قرب الحرات الغربية في منطقة المدينة نحو 1380م فوق سطح البحر، وعند عقلة الصقور 785م، وعند الرس 655م، وعند البدائع 647م، وعند عنيزة 630م، وعند سد الوادي 613م، وعند بريدة 602م، وأخيرًا مصبه عند قرية البندرية التي ترتفع 575م فوق سطح البحر".
وأردف: "هذا الميلان التدريجي والضعيف لمجرى وادي الرمة منح الوادي فرصة ليرسب حمولته من الطمي العظيم فوق قطاع حوض الوادي الشرقي؛ ما ساهم في تخصيب الأرض، وقيام الزراعة عليها منذ عصور قديمة جدًّا. أيضًا الانحدار الضعيف للوادي خفَّف من سرعة جريانه؛ ما أتاح للمياه والسيول أن تتسرب للمياه الجوفية الضحلة في نطاق الدرع العربي (غرب الوادي)، وللمياه الجوفية الضحلة والعميقة في نطاق الرف الرسوبي (شرق الوادي)".
وأشار "المسند" إلى أن عرض وادي الرمة متباين، وهو في المتوسط يبلغ 2كم في محيط عقلة الصقور، ثم يتسع ليبلغ نحو 3كم بين الجبلين (أبانات الأحمر وأبانات الأسمر)، ثم 3.5 كم غرب الرس، وما بين الرس والبدائع 5 كم، ثم يدخل مرحلة عنق الزجاجة بعرض 300م فقط عند منطقة الخنقة، حيث زحف رمال الشقيقة على مجرى الوادي. ويقل العرض كلما اقتربنا من شمال عنيزة حيث المزارع على ضفاف المجرى، ومن ثم يتسع مرة أخرى شمال شرق عنيزة بعرض متوسطي يبلغ 500م، ثم يتسع عرضه أكثر إلى 1.5كم جنوب شرق بريدة حتى يصل منخفضات وقيعان يحير، ويتجمع فيها، وهي روضة الزغيبية شرق عنيزة، وقاع الباطن شرق بريدة، وسبخة غويمض جنوب شرق بريدة.
ويتشعب من الوادي ما يزيد على 300 رافد من الشمال والجنوب، تم تقسيمها إلى روافد جنوبية وشمالية، هي على النحو الآتي:
– وادي الرقب: يمتد وادي الرقب من حدود حرة بني رشيد، من جبال الشقماء التي يبلغ ارتفاعها (1162م فوق مستوى سطح البحر) نحو الشرق، ثم الشمال الشرقي، حتى يلتقي وادي الرمة عند بلدة الثمامية.
– وادي الجفن: يبدأ وادي الجفن مجراه من جبال أفيعية وجبال الشمط، ثم ينحدر باتجاه الشمال الشرقي مارًّا بالعديد من الروافد إلى أن يلتقي وادي الرمة في جنوب شرق عقلة الصقور.
– شعيب الهميلية: ينحدر شعيب الهميلية من سمر الشفيعاء متجهًا نحو الشمال الشرقي إلى أن يلتقي وادي الرمة.
– وادي الجرير وروافده: وينحدر وادي الجرير من جبال المشف التي يبلغ ارتفاعها 1010م فوق سطح البحر، ومن هضاب الدريعوات، وجبال الذنايب، متجهًا نحو الشمال، بمحاذاة نفود العريق، إلى أن يلتقي وادي الرمة بعد أن يتصل به العديد من الروافد، مثل وادي ساحوق الذي ينحدر من جبال البويبات، ووادي طلال المنحدر من جبال توبان، ووادي البحرة الآتي من جبال المشف والمناطق المجاورة لها، ووادي المياه المنحدر من جبال النير شمالي عفيف.
– وادي الداث: ينحدر وادي الداث من جبال كيشات، وجبال عمى، متجهًا إلى الشمال؛ ليلتقي وادي الرمة عند قرية القيصومة.
– وادي النساء: ينحدر وادي النساء من جبل غراب، وجبل خزاز، وجبل درعان، في الغرب من قرية دخنة، متجهًا نحو الشمال، حتى يتصل بوادي الرمة عند مزارع البدائع.
– وادي الرشا: وعلى الرغم من أن وادي الرشا ينتهي حاليًا في نفود الشقيقة قبل أن يتصل بوادي الرمة إلا أن المؤكد أنه كان أحد روافده في الفترات المطيرة قبل أن تفصل بينهما رمال النفود.
– وادي القهد: ينحدر وادي القهد من جنوب جبال أجا، ويلتقي العديد من الروافد في رحلته في اتجاه الجنوب الشرقي، حيث يتصل بوادي الرمة.
– وادي الشعبة: هو وادٍ ضخم، ينحدر من جبال أجا، وجبال رمان، وجبال سلمى، ويلتقي العديد من الروافد في مساره نحو الجنوب الشرقي، ثم يلتقي وادي الرمة إلى الشرق من سمراء الحاجز.
– وادي المحلاني: ينحدر من جبال حبشي، وجبال الخدار، ثم يصب في وادي الرمة بالقرب من عقلة الصقور بعد أن يلتقي العديد من الروافد.
– وادي أبو نخلة: ينحدر من جبل الرحي، وجبل الإصيعة، ثم يلتقي وادي الرمة.