من أوائل الدروس التي نقدمها لطلاب أقسام الإعلام، ويتم التشديد عليها، هو تذكيرهم بأن الإعلام التفاعلي جاء كشكل أخير من أشكال الوسائل الإعلامية، وأنه يقع في النموذج الأخير ـ Paradigm ـ من الإطارات النظرية التي تحاول تفسير عمل وسائل الإعلام، إضافة إلى التشديد على أن الاتصال هو المظلة الكبيرة التي ينضوي تحتها الإعلام، وأن نجاح أي مؤسسة يعتمد بشكل كبير على قدرتها على الظهور الإعلامي اللائق، واستفادتها من وسائل الاتصال للوصول إلى المستفيدين منها بأقل تكلفة وجهد، وأقصر طريق. ولو لم يكن الموضوع بذي أهمية لما سعت جل المؤسسات إلى إيجاد أقسام اتصال مؤسسي، يهتم بتنظيم علاقاتها الخارجية ـ إضافة للداخلية ـ مع السعي لرسم صورة ذهنية لدى جماهيرها، إضافة إلى تعزيز الصور الذهنية الإيجابية وتعميقها.
المؤسف أنه بعد التحول الرقمي الكبير الذي حدث مع كثير من الخدمات التي تقدمها معظم القطاعات إلا أن بعض القطاعات ما زالت في دائرة رجل الكهف وبدايات الإنسان؛ إذ ما زالت تستخدم عبارة "راجع أقرب فرع" رغم الملايين المنفقة لتحول الخدمات إلى خدمات إلكترونية. في الأيام الماضية استخدمت أحد تطبيقات الخدمات المنزلية، وحدثت إشكالية في طلبي وبعدها تمت إفادتي بنفاد عقدي ـ رغم عدم استفادتي منه وسدادي قيمته!ـ؛ وتقدمت إلى الجهة الحكومية المسؤولة عبر موقعها الذي تذكر فيه أنه يمكنني رفع شكوى من خلاله؛ ليصلني الرد في اليوم ذاته بأن عليّ مراجعة أقرب فرع!
المعروف والبديهي أن وجود خدمات إلكترونية يعني توفير الوقت والجهد، وإعفاء العميل من قطع الطريق الشاقة.. وهذا ما شهدناه مع منصة أبشر التي تشكل علامة فارقة في الخدمات الحكومية وتحوُّلها؛ فالمنصة التي لا تقدم لعملائها خدمات، تشكِّل فارقًا نوعيًّا في وجودها، لا قيمة لها؛ إذ يتبادر إلى الذهن دائمًا التساؤل: ما قيمة وجود المعاملات الإلكترونية إذا كانت زيارة الفرع ضرورة لإتمام العملية؟!