الاستثمار الزراعي بالخارج.. أذرع سعودية خضراء لتحقيق الأمن الغذائي

كيف استطاعت المملكة أن تستبق الأزمة العالمية برؤية خارج الصندوق؟
الاستثمار الزراعي بالخارج.. أذرع سعودية خضراء لتحقيق الأمن الغذائي

نجحت المملكة في التحلي بنظرة ثاقبة منذ عقود حول توفير الغذاء؛ حيث أرادت ألا تعوّل على أحد في ضمان تحقيق الأمن الغذائي لمواطنيها، واتجهت لسياسة الاستثمار الزراعي الخارجي.

وبينما يعاني العالم اليوم من تبعات تعثر سلاسل الإمداد؛ تؤمّن السعودية قوت مواطنيها بل وتتوسع في الإنتاج عبر الاستثمار الزراعي الخارجي.

وفي الوقت الذي ترشد فيه دول أوروبية من استهلاكها؛ تدرس المملكة التوسع في قطاع الاستثمار الزراعي الخارجي، إذ يجري التحضير للاستثمار في 10 دول عربية، من أجل تعزيز الأمن الغذائي وفق معلومات صادرة من اتحاد الغرف السعودية.

رؤية مستقبلية

قبل أكثر من عقد؛ راهنت المملكة على تنمية ذلك القطاع في رؤية مبصرة للأيام الصعبة بالمستقبل؛ والتي أثبت صحتها إذ يعاني العالم اليوم من تعثر سلاسل الإمداد الغذائي بسبب الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.

وفي عام 2009 على سبيل المثال، قالت وزارة الزراعة السعودية، إن مجموعة شركات زراعية سعودية أطلقت خططا لاستثمار 150 مليون ريال في إنتاج الغذاء بعدة دول أفريقية.

أما اليوم؛ فقد وقّع صندوق التنمية الزراعية عـقد تمويل لمشروع استثمار زراعي مع شركة الراجحي الدولية للاستثمار بقيمة 281 مليون ريال، وذلك ضمن برنامج الاستثمار الزراعي السعودي المسؤول في الخارج، بحضور مدير عام الصندوق منير بن فهد السهلي، والرئيس التنفيذي للشركة أحمد بن علي الدخيل.

جاءت تلك الصفقة ضمن برامج ومبادرات صندوق التنمية الزراعية لتعزيز المخزون الاستراتيجي وضمان استقرار سلاسل الإمداد الغذائية وتعزيز الأمن الغذائي بالمملكة.

أزمة عالمية

ولقد كشفت المنظمة الأممية للأغذية والزراعة عن أرقام توضح مدى فداحة أزمة سلسلة الإمداد الغذائي، بسبب حرب أوكرانيا، إذ توقعت زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون نقص التغذية إلى 13 مليون شخص خلال العام الجاري 2022، و17 مليون شخص آخرين في عام 2023.

ويقول البنك الدولي إن 10 ملايين شخص آخرين سيعانون فقراً مدقعاً مقابل كل زيادة بواقع 1% في أسعار المواد الغذائية.

ودخل كاري فولر، المبعوث الأمريكي الخاص للأمن الغذائي، على خط الأزمة قائلاً إن أزمة الغذاء العالمية تختلف عن غيرها من الأوضاع المشابهة السابقة، إذ يقف وراءها العديد من الأسباب.

ويرى محللون أن تبعات الأزمة الحقيقية ستظهر بشكل فج في عام 2023، ففي ظل الحصار المفروض على موانئ أوكرانيا ومحدودية طاقة الطرق البديلة، انخفض حجم الصادرات بشكل كبير، حيث صدرت البلاد في يونيو ما يقل قليلاً عن مليون طن من القمح والذرة والشعير، أي أقل 40% عن الشهر نفسه في 2021.

تطوير وتسهيلات

ولم تقف المملكة عند حد التنظيم والتنسيق بل طوّرت التعامل في ذلك القطاع خلال 2019، إذ أطلق صندوق التنمية الزراعية برنامج "الاستثمار الزراعي السعودي المسؤول في الخارج"، ضمن المنتجات التمويلية المتنوعة التي يقدمها، وانطلاقاً من توجيه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لوزارة البيئة والمياه والزراعة، بإعداد استراتيجية وطنية للأمن الغذائي تتضمن معالم الاستثمار الزراعي السعودي في الخارج، وتماشياً مع الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي المقرة من مجلس الوزراء والتي تضمنت مبادرات لتنويع مصادر توريد الأغذية الخارجية وتحقيق الاستقرار فيها.

ويعد برنامج الاستثمار الزراعي الخارجي برنامجاً لتنويع واستقرار مصادر الإمدادات الغذائية الخارجية كجزء من مبادرة الأمن الغذائي للمملكة.

وسهّل الصندوق على المستثمرين الحصول على قروض مدتها 10 سنوات مع فترات سماح لمدة عامين، إذ يتم صرفه بالريال السعودي أو الدولار الأمريكي، بحيث تكون مساهمة الصندوق بحد أقصى 60% من تكلفة المشروع، ومساهمة الشركة المستثمرة بنسبة 30% من حقوق الملكية بحد أدنى.

وتتراوح قيمة القرض الأمثل بين 30 مليون إلى 75 مليون دولار، ويراعي الصندوق كل مشروع حسب ظروفه، حيث يتم سداد القرض بحسب كل مشروع على حدة بناءً على طبيعة التدفق النقدي، ويشمل التمويل يشمل المشاريع الجديدة أو التوسعة.

ويشترط للحصول على القرض أن تكون الشركة المتقدمة سعودية، أي تعود الملكية فيها -أي أكثر من 50% من أسهمها- لكيان أو شخص سعودي مسجل بالمملكة، وتأمينا للمشروع يجب أن يكون المتقدم لديه خبرة في الاستثمار الزراعي بالخارج.

ولعل أهم الشروط للحصول على القرض؛ أن يصدر المستثمر ما لا يقل عن 50% من المحصول الناتج إلى المملكة بما يحقق الأمن الغذائي للمملكة.

جني الثمار

وتجني المملكة اليوم ثمار ما زرعته خلال سنوات، وكان آخر حصاد ما أعلنت عنه المؤسسة العامة للحبوب عن ترسية الدفعة الأولى من شراء القمح من المستثمرين السعوديين في الخارج، حيث فازت الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني "سالك" بتوريد كمية 240 ألف طن، موزعة على 4 بواخر للوصول إلى موانئ المملكة خلال الفترة أغسطس - أكتوبر 2022م.

وقال محافظ المؤسسة العامة للحبوب المهندس أحمد بن عبد العزيز الفارس: الكمية التي تمت ترسيتها تمثل الدفعة الأولى من مشتريات المؤسسة من المستثمرين السعوديين في الخارج التي تعادل 20% من إجمالي الكمية المخصصة للمستثمرين في الخارج أي بنحو 700 ألف طن، وذلك في إطار خطط دعم المخزونات الاستراتيجية وتنويع مصادر شراء القمح بزيادة الاعتماد على الاستثمارات السعودية في الخارج وربطها بالاستهلاك المحلي.

وأوضح "الفارس" أن هذا العام يمثل العام الثالث على التوالي الذي يتم فيه شراء القمح من المستثمرين السعوديين في الخارج.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org