تحدثت الدكتورة مها آل خشيل، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأميرة نورة، عن بطولة الإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية الثانية وتخطيطه لمقاومة الاحتلال العثماني واستكشاف نقاط ضعفهم حتى تم تحرير الأرض من القوات الأجنبية تمامًا.
وأوضحت "آل خشيل" أنه "بعد سقوط الدرعية، تم إرسال عددٍ من أفراد أسرة آل سعود إلى مصر، لأن الأتراك اعتقدوا أن إبعاد أفراد هذه الأسرة سيقضي على الدولة، فاستشعر عندئذ الإمام تركي بن عبدالله المسؤولية وضرورة تصحيح الأوضاع التي تعيشها الدرعية، فحمل على عاتقه مهمة تطهيرها من الوجود الأجنبي واستعادتها، وبدأت مغامرته وحيدًا خاليًّا إلا من سيفه الأجرب".
وقالت إن الإمام تركي اختار العزلة بغاره لدراسة عدوه والمنطقة، وأماكن ونقاط الضعف والقوة، ورسم القرارات والخطط، ولم يكن بعيدًا أو غائبًا، بل كان حاضرًا، وحولهم دون أن يشعروا به.
وأوجعت المقاومة الوطنية الحاميات التركية، وداخلت المعسكرات التركية تقتل وتخرج، وبعد ذلك علموا الأتراك بأن الذي قام بهذا الإمام تركي، كما يصف لنا الأستاذ الدكتور طلال الطريفي أستاذ التاريخ السعودي بجامعة الإمام محمد بن سعود".
وتابعت: "تميَّز الإمام تركي بحسه الاستخباراتي وفكره الإستراتيجي، فلم يكن يهدأ في مكان، لأنه كان يعي أن الأتراك أو الحاميات التركية كانت دائمة الطلب عليه، وكان يظهر للمقاومة ثم يعود لمخبئه ليراقب ويدرس الثغرات لمدة سبع سنوات، اختار بها عملية الكر والفر.
ويبيّن لنا د.عبدالمحسن الرشودي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود أن اختيار "عملية الكر والفر لأنه لم يكن هناك تكافؤ في القوى، وهذه مهمة جدًا، لأن الكتائب معها أسلحة متقدمة، تقمع أي حركة تقوم"، واستخدم الإمام تركي "المناصرين الوطنيين 7 سنوات، وهو في هذا الجهاد بين كرٍ وفر"، حتى تم إجلاء هذه القوات الأجنبية تمامًا.
واستغرقت "الدولة السعودية "الأولى" 40 سنة من أجل توحيد نجد، والإمام تركي بن عبدالله لم يستغرق سنتين أو ثلاث سنوات فقط، وهي رسالة ملهمة لنا نحن الآن" .
ويصف د. عبد المحسن ذلك بالقول: "آمن أهالي المناطق به سريعًا، لما رأوا به من قوة وشجاعة وعدل كواحدٍ من أبناء آل سعود، وطبعت قصة إصراره وصموده؛ أملاً في نفوسهم وثقةً بأنه قادر ببسالته وثباته، على إصلاح ذلك الوضع واستعادة الأراضي، مهما بلغت قوة المعسكرات العثمانية، على الرغم من كل ذكريات سقوط الدرعية المؤلمة".