

كشفت الهيئة العامة للمنافسة عن مخالفة شركتي النهدي الطبية والدواء للخدمات الطبية، بعد ثبوت اتفاقهما على الأسعار، في قضية تسلط الضوء على واقع المنافسة في سوق الصيدليات، الذي تهيمن عليه شركتان تستحوذان مجتمعتين على نحو 52% من الحصة السوقية.
وأعلنت الهيئة تغريم شركة النهدي الطبية مبلغ 3.8 ملايين ريال، فيما فُرضت غرامة قدرها 1.8 مليون ريال على شركة الدواء للخدمات الطبية، وذلك لمخالفتهما أحكام نظام المنافسة المتعلقة بالاتفاق على الأسعار، في سلوك يُعد من أخطر الممارسات المحظورة نظامًا.
وتأتي هذه القضية في وقت تدير فيه الشركتان أكبر شبكتين للصيدليات في المملكة، حيث تمتلك النهدي 1218 صيدلية، بينما يبلغ عدد صيدليات الدواء قرابة 1000 صيدلية، في سوق يُفترض أن تقوم فيه المنافسة على تقديم أسعار أفضل وخيارات أوسع للمستهلك.
وبحسب البيانات المالية، بلغت الإيرادات المجمعة للشركتين نحو 12.6 مليار ريال بنهاية الربع الثالث من عام 2025، ما يفتح تساؤلات مشروعة حول مدى تأثير الغرامات المعلنة مقارنة بحجم السوق والعوائد المالية، ومدى قدرتها على ردع ممارسات مماثلة مستقبلًا.
المفارقة الأبرز، أن الشركتين تتنافسان ظاهريًا في عدد الفروع، والحملات التسويقية، والانتشار الجغرافي، بينما كشفت قرارات الهيئة عن اتفاق على عنصر يُفترض أنه جوهر المنافسة: السعر، وهو ما ينعكس مباشرة على المستهلك، لا سيما في قطاع حيوي كقطاع الأدوية.
ولا يقتصر أثر مثل هذه الممارسات على تشويه بيئة المنافسة، بل يمتد إلى رفع كلفة الدواء على الأفراد والأسر، في سوق يرتبط بالصحة العامة ويُعد من أكثر القطاعات حساسية.
وتعيد هذه القضية إلى الواجهة تساؤلات أوسع حول مستويات التركّز في سوق الصيدليات، وفعالية أدوات الردع، والحاجة إلى تعزيز الشفافية والمنافسة العادلة، بما يضمن أن لا تتحول المنافسة من مشهد معلن إلى اتفاق صامت، يكون المستهلك فيه الخاسر الأول.