أكد العلماء المشاركون في ندوة "وثيقة مكة"، التي أقيمت في معرض الرياض للكتاب مساء اليوم (الثلاثاء)، أن وثيقة مكة المكرمة تُعد أهم وثيقة إسلامية معاصرة، وتميزت بجمع المدارس والطوائف الإسلامية، وردت على المتطرفين، وحظيت بحفاوة غير المسلمين، وبيّنوا أن الوثيقة أكدت أهمية استيعاب التنوع والتعدد الثقافي والحضاري، ورفضت صدام الحضارات، ودعت إلى الحوار، وقدمت مبادئ الإسلام العظيمة، التي تنشر السلام والتسامح، وتحض على التعايش بين المسلمين وغير المسلمين، ولفت العلماء إلى أن وثيقة مكة بمثابة جدول أعمال أخلاقي وثقافي للعالم المعاصر.
وأوضح الشيخ الدكتور محمد العيسى رئيس هيئة علماء المسلمين في كلمته بالندوة، أن وثيقة مكة، وثيقة تاريخية متميزة، رعى مؤتمرها الدولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقد صدرت بالإجماع عن مفتي وعلماء الأمة الإسلامية، في الرحاب الطاهرة بجوار الكعبة المشرقة، بإجماع أكثر من 1200 مفتي وعالم، وأكثر من 4000 مفكر إسلامي عام 1440ه.
وقال "العيسى": "إن وثيقة مكة، هي أهم وثيقة إسلامية معاصرة، وثاني أهم وثيقة في التاريخ الإسلامي، بعد وثيقة المدينة المنورة، التي أمضاها نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد تميزت وثيقة مكة بجمع المدارس والطوائف الإسلامية، فحضر لها 27 مذهباً وضعياً من أكثر من 139 دولة حول العالم جاؤوا ليناقشوا موضوعات مهمة في ساحتنا الإسلامية والدولية".
وأضاف: "إن هذه الموضوعات حظيت بالإجماع والتوثيق والتسجيل، وتبع ذلك إقرار دول منظمة التعاون الإسلامية بهذه الوثيقة، والتوصية بالإفادة منها في المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية في الدول الإسلامية".
ولفت إلى أن وثيقة مكة حصلت على حفاوة غير المسلمين، لأنها تدعو إلى الخير، وتظهر حقيقة الإسلام، وتعالج عدداً من المشكلات العالمية، مضيفاً أنها ردت على أفكار المتطرفين من خلال عمل جماعي حاز على إجماع علماء الأمة.
وأشار إلى أن وثيقة مكة تحدثت عن أهمية استيعاب التنوع والتعدد الثقافي والحضاري، وحملت على صدام الحضارات، ودعت إلى الحوار الحضاري من خلال المشتركات الحضارية.
وبيّن "العيسى" أن الوثيقة فتحت عدداً من الملفات المهمة في الداخل الإسلامي كما عززت الأفق الإسلامي بالانفتاح الإيجابي نحو مدارسه ومذاهبه المتنوعة، في مواجهة الإقصاء المجرد، ودعت إلى حوار بناء وألفة إسلامية واستيعاب الحكمة الربانية في التنوع والتعدد، مضيفاً أن وثيقة مكة وقفت ضد سياقات الصدام الحضاري، كما مهدت إلى وثيقة أخرى مهمة هي وثيقة بناء جسور بين المذاهب الإسلامية.
من جانبه، أوضح سماحة الشيخ محمد العثماني مفتي باكستان الإسلامية، أن وثيقة مكة تضمنت أمرين مهمين: الأول بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية، فهذه المذاهب الفقهية لا تخالف أصول الدين، ولكن المؤسف جعلها أساس للتحزب وليس للتوحد، والأمر الثاني، اعتماد الحوار الإنساني مع الآخر بدلاً من الصدام والنزاع.
وأكد أن الإسلام دين السلام والأمان بدلاً من التحارب والصدام، ووثيقة مكة تعزز هذه المبادئ العظيمة التي تنشر السلام والتعايش بين المسلمين وغير المسلمين.
وذكر أن الإسلام يرسخ الأخوة الإنسانية، والكرامة الإنسانية، فجميع البشر أبناء آدم ومتساوون في أصلهم الإنساني.
من جهته، بيّن الدكتور قطب سانو الأمين العام لمجمع الفقه الدولي، أن وثيقة مكة من أهم الوثائق التي عرفها المسلمون، وهي امتداد لوثيقة المدينة والمنورة، التي أرسى مبادئها الرسول صلى الله وعليه وسلم، مضيفاً أن وثيقة مكة أكدت على ضرورة الاعتراف بالتنوع.
ولفت إلى أن وثيقة مكة انفردت بمزايا لم تتوفر لوثائق أخرى، وهي شرف المكان حيث صدرت بجوار الكعبة المشرفة وفي رحاب بيت الله الحرام، وشرف الزمان، فقد كان الشهر الذي صدرت فيه شهر رمضان الكريم، بالإضافة إلى أنها صدرت في فترة زمنية وجد فيها من شوه مبادئ الإسلام السمحة.
من ناحيته، قال الدكتور رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية: "إن وثيقة مكة امتداد لوثيقة المدينة المنورة لأنها تنص على المواطنة وقبول التنوع، وأهمية الوثيقة أنها تعود بالمسلمين إلى العهد الإسلام الأول"، مضيفاً: "أن وثيقة مكة هي بمثابة جدول أعمال ثقافي وأخلاقي للعالم المعاصر، وتدعو إلى حوار حضاري".
وأشار "السيد" في الندوة التي أدارها يوسف الغنامي، إلى أن وثيقة مكة اشتغلت على منظومة أخلاقية تتضمن، المساواة في القيمة الإنسانية، والكرامة الإنسانية، والعدل، والتسامح، والسلام، والخير العام، باعتبارها المنظومة القرآنية في تعزيز التعايش بين البشر.